news-details
الإعجاز التشريعي

(يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ*) - (المدثر:1-4)

هذه الآيات الأربع جاءت في مطلع سورة "المدثر"، وهي سورة مكية، وآياتها ست وخمسون (56) بعد البسملة، وقد سميت بهذا الاسم الذي كنى به الله- سبحانه وتعالى- خاتم أنبيائه ورسله- صلى الله عليه وسلم- الذي كان قد عاد إلى بيته مرتعدا خائفا مما فاجأه به جبريل- عليه السلام- من الوحي في أول مرة، وهو وحيد في غار حراء، فعاد مسرعا إلى بيته، وعندما دخله قال لزوجه أم المؤمنين السيدة خديجة- عليها رضوان الله- "دثروني دثروني"، فنزلت هذه السورة المباركة التي يدور محورها حول تكليف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بالنهوض بأعباء الدعوة الإسلامية، ومنها تحذير الناس من عذاب الآخرة إن لم يؤمنوا بربهم، وإن لم يعبدوه وحده دون سواه، وإن لم يعظموه وينزهوه فوق جميع صفات خلقه، وفوق كل وصف لا يليق بجلاله. وتأمر الآيات رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بضرورة تطهير ثيابه، وبالبعد عن كل ما يوصل إلى غضب الله، وبألا يستكثر ما يعطيه للناس من مكرمات، وأن يصبر على تنفيذ أوامر ربه قدر الطاقة . ثم تنتقل الآيات بالحديث عن هذا الشقي الكافر المعروف باسم "الوليد بن المغيرة" الذي هزه سماع القرآن الكريم إلى حد الاعتراف بأنه يعلو ولا يعلى عليه، وأنه لا يمكن أن يكون بقول بشر، غير أن حبه للزعامة في قومه دفعه إلى إنكار اعترافه هذا بعد فترة وجيزة، وإلى الكذب على كتاب الله بقوله عنه بأنه من السحر الذي تم نقله عن الأولين، ولذلك جاءت الآيات في هذه السورة المباركة مهددة له على نقض حكمه، ومتوعدة إياه بنار جهنم وعذابها عقابا له على كذبه وتآمرة. كذلك هددت الآيات كافرا آخر هو (أبو جهل عمرو بن هشام) الذي استقل عدد خزنة النار كما ذكره القرآن الكريم، ومضى يسخر من ذلك ويهزأ، فردت عليه الآيات في هذه السورة المباركة التي أوردت القسم بالقمر، وبالليل عند انتهائه، وبالصبح عند قدومه، وانكشاف ظلمة الليل بنوره، على أن جهنم هي إحدى البلايا الخطيرة، وأن لكل من الخلق المكلفين أن يتقدم إليها أو أن يتأخر عنها بعمله. وتختتم السورة الكريمة بالتأكيد على أن كل نفس مرهونة بعملها في الدنيا، لا تفك من قيدها حتى تؤدي ما عليها من حقوق، (إلا أصحاب اليمين) من عباد الله المؤمنين الذين أعتقوا رقابهم من نار جهنم بالإيمان بالله والالتزام باتباع أوامره، واجتناب نواهيه، فيدخلهم ربهم جنات النعيم . وتعرض الآيات تساؤلاتهم في حوار حي مع هؤلاء المجرمين من الكفار والمشركين من أهل جهنم، والمجرمون يردون عليهم بأنهم لم يكونوا من المصلين، ولم يكونوا يطعمون المسكين،وكانوا يخوضون مع الخائضين، وكانوا يكذبون بيوم الدين حتى أتاهم اليقين. وتختتم السورة الكريمة بقول ربنا- تبارك وتعالى-: ( فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ* كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ* فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ* بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَى صُحُفاً مُّنَشَّرَةً* كَلاَّ بَل لاَّ يَخَافُونَ الآخِرَةَ* كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ* مَن شَاءَ ذَكَرَهُ* وَمَا يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ المَغْفِرَةِ* ) (المدثر : 49-56) . هذا، وقد سبق لنا استعراض سورة "المدثر" وما جاء فيها من ركائز العقيدة، وفروض العبادة، والإشارات العلمية، ونركز هنا على وجه الإعجاز التشريعي في الأمر بطهارة الثياب، وهو كناية عن طهارة كل من البدن والعقل والقلب، وهي طهارة لازمة لكل مؤمن بالله . من أوجه الإعجاز التشريعي في الآيات الكريمة تبدأ سورة "المدثر" بنداء من الله- تعالى- إلى خاتم أنبيائه ورسله- صلى الله عليه وسلم- يأمره بإنذار قومه ثم بإنذار الناس جميعا بحتمية الموت بعد هذه الحياة الدنيا، ثم البعث، والحشر، والحساب والجزاء بالخلود إما في الجنة وإما في النار، ومن ثم إنذار الناس جميعا من مغبة تضييع فرصة العمل بطاعة الله في الدنيا للحصول على النجاح فيها، وعلى النجاة من أهوال الآخرة بفضل من الله وبرحمته . وبعد ذلك توجه الآيات في هذه السورة المباركة خاتم الأنبياء والمرسلين- صلى الله عليه وسلم- إلى تكبير الله- تعالى- تكبيرا يؤكد معنى الألوهية ومعنى التوحيد، وهما من ركائز العقيدة الإسلامية، ومن مؤهلات القيام بواجبات الدعوة إلى دين الله، لأن الصعوبات التي تواجه الدعاة إلى الله تتطلب استحضار حقيقة أنه لا سلطان في هذا الوجود لغير الله، وذلك من معاني تكبير الله ، الذي جاء الأمر به في هذه السورة المباركة بقول ربنا- تبارك وتعالى - له : ( وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ). ثم توجه الآيات رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بضرورة أن يحرص المؤمن على الطهارة المادية والمعنوية في آن واحد، فتأمره بقول ربنا- تبارك وتعالى- له : (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ *)، وطهارة الثياب في اللغة العربية كناية عن الطهارة الكاملة : في الثياب والبدن والقلب، والأخلاق والمعاملات والسلوك، لأن الله- تعالى- طيب، ولا يقبل إلا ما كان طيبا، وكل داع إلى دين الله لا بد من أن يحرص على الطهارة الكاملة إذا أراد النجاح في مهمته . و(الطهلرة) في اللغة هي: النظافة، والنزاهة عن مختلف أشكال الأقذار والأوساخ، سواء كانت حسية، أو معنوية، وذلك انطلاقا من رواية ابن عباس- رضي الله - عنهما أن النبي- صلى الله عليه وسلم- كان إذا دخل على مريض قال : " لا بأس طهور إن شاء الله" و(الطهور) هو المطهر من الذنوب، وكأنه- صلى الله عليه وسلم- يقول بأن المرض مطهر من الذنوب، وهي أقذار معنوية . ويقابل (الطهارة) في اللغة تعبير (النجاسة) ومعناها : كل شئ مستقذر، حسيا كان أو معنويا، فالآثام نجاسة معنوية ومن ذلك قول الله- تعالى- ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا المُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُوا المَسْجِدَ الحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا....*) (التوبة:28) . ولفظة (النجاسة) تطلق على كل مستقذر، سواء كان ذلك المستقذر أمرا حسيا، كالدم، والبول، والعذرة، ونحوها مما يسمى باسم (الخبث)، أو كان معنويا، كالذنوب والخطايا والآثام ويسمى باسم (الحدث) . والوضوء على الوضوء طهارة تزيل الصغائر من الذنوب (وهي أقذار معنوية) والوضوء عبادة، والغرض من العبادة إنما هو الخضوع بالقلب والجوارح لله- عز وجل- على الوجه الذي يرتضيه من عباده، لأن الأصل في العبادة أنها طاعة لا تعلل، ولها حكمة معقولة، وأسرار واضحة، عرفها من عرفها، وجهلها من جهلها . فالله-تعالى- شرع الوضوء لمنافع عديدة: منها ما هو حسي من مثل تنظيف الأعضاء الظاهرة المعرضة للأقذار من مثل الفم والأنف والوجه واليدين، ومنها ما هو معنوي، وهو الخضوع لأوامر الله- عز وجل-، مما يعين العبد على الامتثال لنواهي ربه. ومن محاسن الشريعة الإسلامية الغسل عقب الجنابة، وفوائده الصحية والنفسية أكثر من أن تحصى أو أن تعد، وإن كانت العبادات في الإسلام واجبة الأداء خالصة لوجه الله الكريم الذي أمر بأدائها، دون أن ينظر المسلم إلى ما يترتب على أدائها من منافع، وإن كانت هي في الحقيقة كلها منافع حسية ومعنوية . والطهارة في الإسلام- بشقيها المادي والمعنوي- تشمل طهارة القلب والعقل، كما تشمل طهارة البدن والثياب، وطهارة المكان والفراش. وتشمل طهارة العقل والقلب حسن الاعتقاد، وذلك بصدق الإيمان بالله- تعالى- ربا واحدا أحدا، فردا صمدا، بغير شريك ولا شبيه، ولا منازع، ولا صاحبة ولا ولد، والإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، كما تشمل تنزيه الله- تعالى- عن جميع صفات خلقه وعن كل وصف لا يليق بجلاله. وكل ما يخالف ذلك من معتقد هو ضرب من ضروب النجاسة الفكرية التي تلوث العقل والقلب معا، وتنعكس على كافة التصورات والأخلاق والمعاملات والسلوك، كما تنعكس على سائر البدن والثياب والمكان والفراش. وتشمل الطهارة المادية كل ما تستباح به الصلاة من وضوء وغسل وتيمم وإزالة لمختلف أشكال النجاسات. وانطلاقا من ذلك فإن الطهارة شرعا هي صفة اعتبارية قدرها الشارع شرطا لصحة الصلاة (وما في حكمها من عبادات مثل الطواف، ومس المصحف الشريف) كما جعلها شرطا لجواز استخدام الآنية، ولتناول الأطعمة والأشربة . فالشارع - سبحانه وتعالى- اشترط لصحة صلاة المسلم والمسلمة : طهارة كل من البدن والثوب، والمكان؛ واشترط لحل أكل الطعام أو شرب الشراب أن يكون كل منهما موصوفا بالطهارة المشروعة. والأصل في الأشياء الطهارة ما لم تثبت نجاستها بدليل، والنجاسة اسم لكل مستقذر . والأعيان النجسة كثيرة: منها ميتة الحيوان البري، إذا كان له دم ذاتي يسيل عند جرحه، ومنها الخنزير والكلب، ومنها الدم المسفوح بجميع أنواعه، (إلا دم الشهيد ما دام باقيا على جسده) ومنها القيح، والصديد، ومنها فضلات الآدمي من بول وعذرة (الغائط)، ومنها مني الآدمي وغيره، ومنها المذي والمدي، ومنها القئ والقلس، ومنها البيض الفاسد، ومنها المسكر المائع، ومنها رماد النجس المنحرق بالنار ودخانه. وإزالة النجاسة عن كل بدن المصلي وثوبه ومكانه واجبة إلا ما عفي عنه، دفعا للحرج والمشقة. ويزيل النجاسة أمور: منها الماء الطهور، ومنها استحالة عين النجاسة إلى صلاح كصيرورة الخمر إلى خل. ولا يقبل التطهير ما تنجس من المائعات كالزيت، والسمن، والعسل، أما الجامدات فإنها تقبل التطهير إلا ما تشربت أجزاؤه من النجاسة. والماء الطهور هو كل ماء نزل من السماء أو نبع من الأرض، ولم يتغير طعمه أو لونه أو رائحته بسبب من الأسباب التي تسلبه طهوريته، وهو الماء الصالح للاستخدامات الآدمية، والذي يستخدم في التطهر لأداء العبادات، فيصح الوضوء والاغتسال به، واستخدامه لنظافة كل من البدن والثياب، ولإزالة النجاسات المحسوسة بواسطته. والماء الطهور يحرم استعماله في الوضوء أو الغسل إذا كان مملوكا للغير ولم يأذن صاحبه في استعماله، أو أن يكون مسبلا للشرب، أو إذا كان يترتب على استعماله ضرر لمستعمله، كأن يكون شديد البرودة أو شديد الحرارة مما يصيبه بالمرض أو يضاعف مرضه إذا كان مريضا، أو إذا كان يترتب على استعماله موت حيوان عطشا بسبب حرمانه من الماء. ولكن هذا الوضوء أو الغسل يكون صحيحا تصح الصلاة به. هذا، وقد يتغير لون الماء الطهور، وطعمه، ورائحته في الطبيعة، ومع ذلك يبقى ماء طهورا يصح استعماله في الوضوء والغسل وفي غيرهما من العبادات، وفي المباح من الاستخدامات، ولكن بشرط عدم الضرر. وكثيرا ما يضطر أهل البادية إلى استعمال الماء الذي تغير طعمه أو لونه أو رائحته لعدم وجود ماء سواه، ومثل هذا الاستعمال مباح في الشريعة الإسلامية إذا ائتمنت مخاطره الصحية. ولكن إذا خالط الماء الطهور شئ طاهر كأن يضاف إليه ماء الورد أو ماء الزهر، فإن ذلك يسلب طهوريته، بحيث لا يصح استعماله بعد ذلك في الوضوء أو الغسل، وإن صح استعماله في الشرب والطهي، وتنظيف الثياب. ومن الماء الطاهر عصارات النبات، سواء سالت طبيعيا أو صناعيا، وكل من المائين الطهور والطاهر يتنجس إذا خالطته نجاسة إذا كان قليلا، أو أدت إلى تغير لونه، أو طعمه، أو رائحته إذا كان كثيرا. والماء الطاهر لا يصح استعماله في الوضوء أو الغسل، ولا في التطهر لغيرهما من العبادات، كما لا تصح إزالة النجاسة به من على البدن أو الثوب أو المكان. وأما الماء النجس فلا يجوز للمسلم استعماله في أي أمر من أموره، لنجاسته، ولذا كان استعمال الماء النجس محرما إلا في حالة الضرورة القصوى كأن يتوه المرء في الصحراء وليس لديه ماء يشربه، ويكاد أن يشرف على الهلاك إن لم يشرب، ولا يجد أمامه إلا ماء نجسا. والماء في كل من الآبار والبرك وخزانات المياه يتنجس بموت حيوان من الحيوانات البرية ذوات الدم السائل فيه، بشرط تغير أي من لون أو طعم أو رائحة الماء ، فإن لم يتغير شئ من ذلك فإن الماء لا ينجس، ولكن يندب في هذه الحالة أن ينزح ماء البركة أو الخزان بالكامل، أو أن ينزح من ماء البئر ما تطيب به النفس، حتى يطمئن المرء إلى طهارته. والأشياء النجسة إما أن تكون مائعة، كالماء ونحوه من سائر المائعات، وإما أن تكون جامدة كالميتة وإفرازات الأحياء. وكل من السوائل والجوامد النجسة يحرم استعمالها، والانتفاع بها إلا في حالات الضرورة القصوى. أما الأشياء المتنجسة كالدهن، والسمن، والزيت، والخل والعسل فإنه لا يمكن تطهيرها، ومن هنا يجب إتلافها إذا تنجست، وإن كان من الفقهاء من يرى إمكانية الاستفادة بها في غير الاستخدامات الآدمية. والطهارة بمعانيها المادية والمعنوية واجبة في جميع العبادات والمعاملات الإسلامية، ولذلك جاء الأمر الإلهي إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في سورة "المدثر" بقول ربنا- تبارك وتعالى- له: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ *) مما يجعل من الطهارة أصلا من أصول الإسلام، لا تصح العبادات، بل لا تصح الحياة بدونه ولذلك وصفه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بقوله: " الطهور شطر الإيمان..." (صحيح مسلم) ، وأكده القرآن الكريم بقول ربنا- تبارك وتعالى- فيه : (... إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِين وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ *) (البقرة:222) . والنطق بهذا الحكم في حديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مما يشهد له بالنبوة وبالرسالة خاصة وأن العرب في زمن الجاهلية لم يكونوا يعرفون شيئا عن الطهارة بشقيها المادي أو المعنوي، فقد كانوا يأكلون الميتة والدم والمنخنقة والموقوذة والمتردية وبقايا ما أكلت السباع والطيور الجارحة وما أكل غير ذلك من الهوام، ولا يعافونها، انطلاقا من ندرة الطعام في صحاريهم. كذلك ما كانوا يتطهرون من الحدث أو الخبث لندرة الماء في مجتمعاتهم . ولم تكن المجتمعات المحيطة بهم من الفرس والهنود والرومان واليونان بأفضل حالا من عرب الجاهلية في مضمار النظافة والطهارة، بل كانوا أسوأ حالا، وأشد نجاسة في النواحي المادية والمعنوية، ومن هنا فإن دستور الطهارة الإسلامية الذي لخصه القرآن الكريم في الأمر الإلهي (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ *) يأتي وجها من أوجع الإعجاز التشريعي في كتاب الله، يشهد له بأنه لا يمكن أن يكون صناعة بشرية، كما يشهد للرسول الخاتم الذي تلقاه بالنبوة وبالرسالة، فصلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلى يوم الدين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.