الجمهورية : في البداية نقدم أطيب التهاني والتبريكات بالفوز بالجائزة الدولية .. كيف ومتى تلقيتم الخبر؟ د/ النجار : هذه نعمة من نعم الله .. ولم أتوقعها أبدا .. وجاءت مفاجأة كنت جالسا أمام الكعبة المشرفة وإذا بتليفون يأتيني بعد صلاة التراويح يسأل عن مكاني .. فأخبرته أنني في الكعبة .. فسألني وبماذا دعيت ؟ قلت : ربي ارزقني الجنة وحسن الخاتمة .. قال : ألم تطلب شيئا من متاع الدنيا ؟ قلت : والله لا فالدنيا .. خلاص انتهينا منها .. فقال لي : أبشرك بأنه تم اختيارك الشخصية الإسلامية الأولى لهذا العام .. وتقرر منحك جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم .. وسمو الشيخ محمد بن راشد يبلغك التهنئة .. وهو نفسه كان من أكبر المتحمسين لاختيارك وأثنى على عملك والإنتاج العلمي فحمدت الله على ذلك وقلت لعل فيه ردا على المتطاولين بعض الشيء . لم يقرأ القرآن الكريم الجمهورية : منذ سنوات عديدة وأنتم تتحدثون عن الإعجاز العلمي للقرآن الكريم والسنة النبوية وإشارات الكونية .. وغير ذلك ومع ذلك فوجئنا في القرن 21 بمن لا يزال يقول : إن الإسلام لم يأت بخير .. وإنما بكل ما هو شر !! د/ النجار : والله هذا كلام الأعداء .. ومن يقولون هذا لا يعرفون شيئا عن الإسلام وسألتني قناة فضائية أمريكية (إن بي سي) عقب بيان بابا الفاتيكان مباشرة .. وقلت لها بعد أن استحلفتها بالله ألا تحذف منه حرفا واحدا .. ووعدتني وصدقت . قلت لها : كلام البابا ينم عن جهل شديد بالإسلام وأنه لو قرأ صفحة واحدة من القرآن الكريم أو حديثا نبويا شريفا واحدا أو شيئا من سيرة الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم ما قال هذا الكلام لكنه رجل جاء بكراهية شديدة للإسلام دون أن يعرف عنه شيئا .. ويكفي أنه تسمى باسم البابا الذي أعلن الحروب الصليبية على المسلمين . قالت المذيعة : إنه يدعي أن الإسلام والعقل يتنافران .. فقلت لها : يجب أن يقرأ القرآن الكريم ويرى الآيات التي تعظم العقل وتعظم الفكر وتعظم التدبر والعلم بصفة عامة لو قرأ هذا ما قال ما قاله .. ولو قرأ كتابه الذي نعتقد أنه لا صلة له بالوحي الذي جاء إلى موسى وعيسى عليهما السلام ورأى فيه من الأخطاء اللغوية والعلمية والتاريخية والأدبية والأخلاقية والسلوكية ما قال هذا الكلام .. ويكفيه أن يقرأ في العهد القديم أنهم يتهمون 34 نبيا من أنبياء الله أنهم أبناء زنا محارم وأنهم زنوا بمحارمهم .. ولو علم ذلك ما قال هذا الكلام . ثم يتهم الإسلام بأنه دين الإرهاب والعنف : فليقرأ كتابه ويرى الحض على حرق المدن بما فيها من بشر وحيوانات ونباتات .. والأمر ببقر بطون الحوامل واستعباد الأطفال والنساء وقتل الرجال والشباب . لو قرأ لعرف أي دين يدعو للسلام .. فالإسلام كلمة عربية مشتقة من السلام والتسليم ومعناها أن أي إنسان في أي زمان أو مكان يأتيه نبي موصول بالوحي .. والقرآن الكريم يؤكد على وحدة الأنبياء .. يخبرنا الرسول أن الله تعالى من رحمته بعباده أرسل 120 ألف نبي واصطفى منهم ثلاثمائة وبضعة عشر رسولا .. لا يوجد بين أيدي الناس الآن 317 رسالة سماوية لأنها ضاعت ولذلك تعهد الله بحفظ هذه الرسالة الخاتمة والقرآن الكريم هو الصورة الوحيدة من كلام رب العالمين المحفوظة بين أيدي الناس اليوم .. كلمة كلمة وحرفا حرفا ولذلك " لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ " (فصلت:من الآية42) .. بينما كتبهم مليئة بالأخطاء .. قلت لها أيضا : من الذي شن الحروب الصليبية على المسلمين ؟! من الذي دخل القدس بعد أن رفعت الأعلام البيضاء حقنا لدماء الناس .. فقتلتم في ليلة واحدة أكثر من 170 ألف نفس رجلا وامرأة وطفلا .. من الذي طرد المسلمين من أسبانيا بعد أن أقاموا حضارة من أعظم الحضارات البشرية استمرت أكثر من ثمانية قرون كاملة ؟ وبعد هزيمة المسلمين كان على المسلم أن يَتَـنَصَّر أو يُقْتَل .. محاكم التفتيش وصمة عار في جبين أوروبا لليوم . من الذي احتل بلاد المسلمين كلها وأقصى الإسلام عن مقام اتخاذ القرار وفرض على الأمة الإسلامية نظما من الحكم علمانية ؟ من الذي غزا العراق وأفغانستان ؟ من الذي يغرق أرض فلسطين بالدماء الآن ؟ من الذي قتل أكثر من عشرة آلاف مسلم في سربترنشيا في البوسنة أمام قوات الأمم المتحدة في قلب أوروبا التي تدعي أنها حامية حقوق الإنسان والحريات ؟ نحن لسنا أمة عدوانية .. أنتم الأمة العدوانية وكلامكم هو الدليل . إن كلام البابا دليل على جهله الفاضح .. وأنا أعجب لرجل يرأس الكنيسة الكاثوليكية التي تعتبر أكبر تجمع للنصارى اليوم ومن هذا المكان الذي كنا نظن أنه قائم على شيء من العقل والعلم .. أثبت جهلا تاما بالإسلام وحضارته وتاريخه . إشكالية العقل الجمهورية : واضح أن هناك إشكالية بين العقل كما يريده الإسلام وعقل المسلمين الآن . وهو ما يعطي سلاحا قويا للمتربصين بنا والمعتدين علينا وأيضا يساهم في ترويج الأكاذيب ؟ د/ النجار : لا يجوز أن يحكم على الإسلام في الوقت الحالي بالمسلمين .. يجب أن يحكم على الدين بأصوله وليس بأتباعه .. لأن المسلمين الآن .. لنا أكثر من قرن من الزمان نحكم بأنماط حكم دنيوية بعيدة عن الإسلام .. بل تحاربه حقيقة .. الجمهورية : وبطلب وإيحاء من الغرب ؟ د/ النجار : نعم .. ولذلك عندما يسألونني لماذا ؟ أقول لهم : أنتم السبب مصائبنا كلها قادمة من الغرب .. وأنا أؤمن بأهمية الدعوة في الغرب .. لأننا تركنا الساحة هناك نهبا لغلاة اليهود وغلاة النصارى يشوهون هذا الدين ويخيفون الغرب من أي إمكانية صحوة إسلامية أو أي إمكانية توحد إسلامي .. ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي يقول : لن نسمح للبرابرة بالتوحد من جديد .. يقصد " المسلمين " .. ولذلك في عالم التكتلات الذي نعيشه والذي توحدت فيه أوروبا 25 دولة .. يكون لها قيادة سياسية واحدة وقيادة عسكرية واحدة ولها علم واحد وعملة وبنك مركزي واحد . وأوروبا على ما بينها من خلافات عرقية ودينية ومذهبية وتاريخ مليء بالصدامات والثارات وبالدماء .. استوعبوا الدرس الذي يقول فيه علماء الاجتماع إنه لم يعد هناك مجال لتجمع بشري أقل من 400 مليون نسمة أن تكون له بصمة على الساحة العالمية .. ويقولون إن كل الكيانات الصغيرة ستظل تابعة ذليلة .. أنادي دائما بضرورة الأخذ بالأسباب لتوحيد العالم الإسلامي .. وليكن ذلك على مراحل .. حتى ولو أخذ ذلك قرنا من الزمان .. والنموذج الأوروبي أمامنا .. بدأوا من الأربعينات ولا تزال العملية حتى الآن بدأوا بسوق مشتركة ثم خطوة خطوة وبتفاهم عقلاني كبير . مصيبة المسلمين الآن أنهم يحكمون بأنماط من الحكم لا تعرف الإسلام ولا قيمة هذا الدين وتريد أن تقلد الغرب حتى لو دخلوا جحر ضب خرب لدخلوا وراءهم . أغلب سفرائنا ومبعوثينا في الخارج لا يعرفون شيئا عن الإسلام .. لا يستطيعون الدفاع عن الدين .. لا يمكنهم أن يقدموا قضية الإسلام تقديما صحيحا للناس .. وهذه مأساتنا الحقيقية .. الجرأة الغائبة الجمهورية : ما هو تفسيرك للتركيز على قضايا بعينها يرددها أعداء الإسلام وخصومه منذ بدء الدعوة الإسلامية وحتى الآن .. الانتشار بحد السيف .. تعدد الزوجات .. العنف والجهاد ؟ د/ النجار : لقد تركنا الساحة خالية لأعدائنا ليسمموا أفكار الناس .. من الذي يروج ذلك إلا غلاة اليهود النصارى .. مثلا بابا الفاتيكان هذا ألم يصادفه أحد علماء المسلمين يخبره حقيقة هذا الدين ؟ هل في مؤتمر حوارات الأديان تَجَرَّأَ عالم مسلم على أن يشير إلى ما في كتبهم من أغلاط فاحشة تعيب في الذات الإلهية ؟ هل أشار أحد من علماء المسلمين إلى أنهم رسموا الله – تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا – في سقف أكبر كنيسة في الفاتيكان يخلق آدم بيديه .. شيخ طاعن في السن ضعيف .. يخلق آدم من الطين .. لا أحد يشير إلى أي من هذه القضايا . الجمهورية : لماذا لا يجرؤ أحد على الحديث أو الإشارة ؟! د/ النجار : لأنهم يا أخي كانوا يجرءون في القديم .. الحوارات بين قيادات الإسلام واليهود والمسيحية كانت من أقوى ما يكون .. نحن الآن .. حتى علم مقارنة الأديان مات عندنا .. مَنْ مِنْ علماء الأزهر يتخرج في علم مقارنة الأديان ؟ علما بأن الحاجة له أكثر إلحاحا الآن أكثر من أي وقت مضى .. لابد أن نرد على هؤلاء الناس .. قلت للبعض : إن الله تعالى الذي أنزل صحف إبراهيم وتوراة موسى وزابور داود وإنجيل عيسى والقرآن الكريم .. لم ينزل كتابا اسمه العهد القديم أو الجديد .. هذه كلها صناعة بشرية ومكتوبة بعد أنبيائها بمئات السنين .. ثابت تاريخا أن الأسفار الخمسة الأولى من العهد القديم التي يعتبرونها التوراة كتبت بعد موت موسى عليه السلام بأكثر من ثمانية قرون كاملة .. فهل يصدق عاقل أن دينا يحفظ شفاها من الآباء للأجداد والأحفاد ثم يبقى سليما .. لا يمكن .. ولذلك أقول : إن الإشارة إلى ما في هذه الكتب من أخطاء من أهم الأسلحة التي نستطيع أن ندافع بها عن الإسلام هذه الأيام وبمنهجية علمية .. دون أن نعيب في أحد أو نحرجه أو نصيبهم بشيء من الأذى . العقل الغربي أصبح على قدر من الوعي ليتقبل فيها هذا النقاش .. عندنا لا نستطيع أن نعمل هذا .. العقل الغربي يبحث عن الحقيقة بشمعة في وضح النهار .. كل كلمة أقولها لغربي عن الإسلام تترك في نفسه أثرا عميقا .. سواء أسلم أو لم يسلم . وقد أشرت من قبل أنه في حرب الخليج الأولى .. جاء الغرب باستعلاء كبير بعددهم وعدتهم ويقولون هذا البلد الذي يحول دون بناء الكنائس ويحرم خروج المرأة سافرة .. سنجبره على ذلك بالقوة فعادوا ومن بينهم أكثر من 20 ألف مسلم في مستويات القيادة المختلفة والجنود ومن رجال ونساء . أؤمن أن ما حدث في 11 سبتمبر مؤامرة حاكتها المخابرات الأمريكية والإسرائيلية لتحقيق أهداف كثيرة أولها تحجيم المد الإسلامي في العالم الغربي ونجحوا في ذلك .. لأن كل أجهزة الاستخبارات الغربية كانت تخرج لتقول إن الإسلام أسرع الأديان انتشارا في العالم .. وما كانوا يستطيعون أن يحجموا المد الإسلامي عندهم في ظل ما يتشدقون به من ديمقراطية ومن حريات واحترام حقوق الإنسان فكان لابد من دراما وكسر القوانين والتقاليد واستخدام أساليب كانوا يلوموننا عليها من إهدار كرامة الإنسان وحريته .. والذي حدث في سجون العراق وجوانتانامو وأفغانستان وسجون بريطانيا وأمريكا من تجاوزات عن حقوق الإنسان يدين هذه الحضارة وأنها غير أخلاقية غير دينية غير إنسانية . ومن أهدافها أيضا : إعطاء الضوء الأخضر للكيان الصهيوني الغاصب أن ينهي القضية الفلسطينية ولعل المذابح والإجتياحات الإسرائيلية في فلسطين منذ 11 سبتمبر 2001م وإلى الآن فاقت كل الحروب حتى في عنفها .. ثم إعطاء المبررات للأمريكان والإنجليز لغزو العراق وأفغانستان طمعا في نفط العراق وثروات قازخستان وبحر قزوين