من أسرار القرآن من أوجه الإعجاز الإنبائي والتاريخي في القرآن الكريم – عدد أشهر العام الكون وأسرار القرآن - إن عدة الشهور عند الله إثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم منذ 2019-07-28 هذه الآية الكريمة تتحدث عن عدة الشهور في سنة من سني الأرض لأن الخطاب القرآني موجه لنا نحن أهل الأرض ولأن كل جرم من أجرام السماء له أزمنته الخاصة به من السنين، والشهور، والأسابيع، والأيام، وإذا كان الجرم جسما معتما كان له أيضا ليله ونهاره، ويتضح هذا التباين في أزمنة كل جرم من أجرام السماء بالتباين بين أزمنة أجرام مجموعتنا الشمسية الذي بيانه كما يلي: من الدلالات العلمية للآية الكريمة هذه الآية الكريمة تتحدث عن عدة الشهور في سنة من سني الأرض لان الخطاب القرآني موجه لنا نحن اهل الأرض ولان كل جرم من أجرام السماء له أزمنته الخاصة به من السنين، والشهور، والأسابيع، والأيام، وإذا كان الجرم جسما معتما كان له أيضا ليله ونهاره، ويتضح هذا التباين في ازمنة كل جرم من أجرام السماء بالتباين بين أزمنة أجرام مجموعتنا الشمسية الذي بيانه كما يلي: * سنة الشمس:225 مليون سنة من سني الأرض. * سنة عطارد=0.24 من السنة الأرضية (=88 يوما من أيام الأرض). * سنة الزهرة=0.70 من السنة الأرضية(=255 يوما من أيام الأرض). * سنة الأرض=1 سنة أرضية (=365.25 يوم من أيام الأرض). * سنة المريخ=1.88 سنة أرضية(=686.67 يوم من أيام الأرض). * سنة المشتري=11.86 سنة أرضية (=4332 يوما من أيام الأرض). * سنة زحل=29.46 سنة أرضية (=10760.27 يوما من أيام الأرض). * سنة يورانوس=84.02 سنة أرضية(=30688.31 يوم من أيام الأرض). * سنة نبتيون=164.80 سنة أرضية(=60193.20 يوم من أيام الأرض). * سنة بلوتو=247.70 سنة أرضية(=90472.40 يوما من أيام الأرض). وهذا التباين في أزمنة كل جرم من أجرام مجموعتنا الشمسية، بل كل جرم من أجرام السماء يوكد على نسبية كل شيء في وجودنا، حتي يبقي العلم، الحقيقي، المطلق، الكامل، المحيط لخالق هذا الكون وحده، الذي هو فوق الخلق كله، فوق المادة والطاقة وأضادهما، وفوق المكان والزمان بمختلف أشكالهما وابعادهما:...{ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} (الشوري:11). وعلى الرغم من إيماننا بمحدودية علمنا فإننا ندرك أن من صور تسخير ما في السماوات، وما في الأرض لهذا الإنسان الضعيف، المحدود القدرات، والحواس أن يمكنه ربه تبارك وتعالى من الوصول إلى شيء من الحق في صفحه السماء على تعاظم ابعادها مما يشهد للخالق سبحانه وتعالى بالألوهية والربوبية، والوحدانية، بغير شريك ولا شبيه ولامنازع. والخطاب الإلهي: إن عدة الشهور عند الله إثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم.... كما يشمل سنة الأرض لابد أن له دلالة كونية مهمة منطلقة من أن الأرض في مركز الكون حسبما جاء في العديد من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة. مركزية الأرض بالنسبة إلى الكون: يمكن استنتاج مركزية الأرض بالنسبة إلى السماوات من الإشارات التالية: (1) يشير القرآن الكريم، كما تشير الأحاديث النبوية الشريفة في مئات المواضع إلى السماوات والأرض، فقد جاءت لفظة السماء في القرآن الكريم بالإفراد والجمع في ثلاثمائة وعشرة مواضع، منها مائة وعشرون مرة بالإفراد، ومائة وتسعون مرة بالجمع. كذلك جاءت الاشاره إلى الأرض في القرآن الكريم في اربعمائة وواحد وستين موضعا منها مايشير إلى الكوكب ككل، ومنها ما يشير إلى كتل القارات التي نحيا عليها، وما بها من صخور، ومنها مايشير إلى قطاع التربه الذي يغطي صخور الأرض، وفي معظم هذه الايات نجد المقابله القرآنية الصريحه بين الأرض على ضآلة حجمها بالنسبة إلى بقية الكون والسماء على ضخامة أبعادها، وقطر الجزء المرئي من السماء الدنيا يقدر بأربعة وعشرين ألف مليون سنة ضوئية وهذه المقابلة لا يمكن أن تقوم إلا إذا كان للأرض وضع متميز بالنسبة إلى السماء الدنيا. (2) في إحدي وعشرين آية قرآنية كريمة جاء ذكر الوصف الإلهي (السماوات والأرض وما بينهما) وهذه البينية لا يمكن أن تتم إلا إذا كانت الأرض في مركز الكون). (3) جاء في سورة الرحمن قول الحق تبارك وتعالي: {يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان} [الرحمن:33]. وقطر أي شكل هندسي هو الخط الواصل بين طرفيه مرورا بمركزه، فإذا كانت أقطار السماوات والأرض واحدة، فلا بد أن تكون الأرض في مركز الكون. (4) في أغلب الحضارات القديمة اعتبرت الأرض مركزا للكون، وكل المعارف الصحيحة في تلك الحضارات خاصة في القضايا الغيبية، هي بالقطع من وحي السماء، أو من بقايا ما قاله ربنا تبارك وتعالي: {وعلم آدم الأسماء كلها...} [البقرة:31]. (5) تبدو السماء للناظر إليها من أي مكان على سطح الأرض وكأنها كرة شاسعة الأبعاد تحيط بالأرض من كل جانب، ولذلك يسميها الفلكيون باسم الكرة السماوية ويرسمونها دائما بجعل كوكب الأرض مركزا لها، ومع توزيع أجرام السماء على سطح تلك الكرة السماوية. (6) روى كل من الإمام الهروي في غريب الحديث(362/3)، والإمام الزمخشري في الفائق في غريب الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: كانت الكعبة خشعة على الماء فدحيت منها الأرض والخشعة الأكمة الصغيرة، والعلم يثبت اليوم توسط الكعبة المشرفة لليابسة، كما يثبت أن الأرض مرت في مرحلة من مراحل إعدادها لاستقبال الحياة بفترة كانت مغمورة غمرا كاملا بالماء، ولم تكن هناك يابسة، ثم فجر الله تعالى قاع هذا المحيط الغامر بثورة بركانية من تحت الماء فكونت أول جزيرة بركانية في العالم، ثم دحيت بقية اليابسة حول هذه الجزيرة لتكون قارة وحيدة اسمها: القارة الأم أو Pangaea، ثم تفتتت هذه القارة الأم إلى القارات السبع الحالية التي تتوسطها الكعبة المشرفة اليوم كما توسطتها في جميع مراحل نموها. (7) كذلك روي مجاهد عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قوله: أن الحرم حرم مناء من السماوات السبع والأرضين السبع، ولفظه مناء معناها قصده، وفي حذاه، يقال: داري منا دار فلان أي في مقابلتها، ومعني هذا الحديث الشريف أن الكعبة المشرفة هي مركز اليابسة في الأرض الأولى، ومن تحتها ست أرضين، وأن هذه الأرضين السبع محاطة إحاطة كاملة بالسماوات السبع، وعلى ذلك فإن الكعبة المشرفة هي مركز مركز الكون. وتأكيدا لذلك قال المصطفي صلى الله عليه وسلم: البيت المعمور مناء مكة، وسأل جمعا من الصحابة بقوله الشريف: أتدرون ما البيت المعمور؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال (صلى الله عليه وسلم): هو بيت في السماء السابعة، على حيال الكعبة تماما حتي لو خر لخر فوقها.... كل ذلك يؤكد موقع الكعبة المشرفة من الكون كله، كما يشير إلى توسط الأرض للكون، ومن هنا كان لسنة الأرض المكونة من إثني عشر شهرا معنى كونيا لم يدركه العلم المكتسب وتتضح دلالته من قول الحق تبارك وتعالي: إن عدة الشهور عند الله إثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم..... ما هو الشهر القمري؟ : يعرف الشهر لغة بأنه مدة مشهورة بإهلال الهلال، وقيل: الشهر القمر، سمي بذلك لشهرته وظهوره; وقيل: هو العدد المعروف من الأيام، يشهر بالقمر، وفيه علامة ابتدائه وانتهائه; والجمع أشهر وشهور; والعرب تقول: رأيت الشهر، أي: رأيت هلاله. وقال الإمام الرازي: وأما الشهر فهو عبارة عن حركة القمر من نقطة معينة من فلكه الخاص إلى أن يعود إلى تلك النقطة... هذا، وقد ذكرت لفظة الشهر بالإفراد في القرآن الكريم إثنتي عشرة مرة، جاء نصفها تماما بالصيغة المعرفة الشهر، والنصف الآخر بالصيغة غير المعرفة شهر أو شهرا. كما جاءت الإشارة إلى الشهر بالتثنية شهرين مرتين، وبالجمع سبع مرات، إحداها بالصيغة المعرفة الشهور، والباقي بالصيغة غير المعرفة أشهر. ويعرف الشهر القمري فلكيا بأنه دورة القمر حول الأرض، منسوبة إلى موقع الشمس في صفحة السماء، وهي دورة معقدة يدخل فيها دوران القمر حول الأرض، ودورانه مع الأرض حول الشمس، ومع باقي أفراد المجموعة الشمسية حول مركز المجرة، وما فوق ذلك من حركات لا يعلمها إلا الله تعالى. ولتباين سرعة كل دورة من هذه الدورات في جريها الحقيقي، وفي حركاتها الظاهرية التي نراها بها من على سطح الأرض فإن الحركة الظاهرية للشمس تبدو لنا أسرع من الحركة الظاهرية للقمر، وإن كان لكل منهما مداره المحدد الخاص به. ونتيجة لهذه الحركات المتعددة فإن القمر يمر بين الأرض والشمس فيكون وجهه المنير في اتجاه الشمس، ووجه المظلم في اتجاه الأرض، وتسمى هذه المرحلة باسم مرحلة المحاق أو مرحلة الاقتران; وبمجرد خروج القمر عن هذا الوضع يبدأ أهل الأرض في رؤية حافته المنيرة التي تؤذن بميلاد شهر قمري جديد. وبتواصل دوران القمر حول الأرض تزداد مساحة الجزء المنير من سطحه المواجه لنا فيتحرك من الهلال الوليد إلى الهلال المتنامي، إلى التربيع الأول، إلى الأحدب المتنامي إلى البدر الكامل، ثم تبدأ مساحة الجزء المنير من سطح القمر المواجه لنا في التناقص التدريجي حتي المحاق، ويمر خلال فترة التناقص تلك بمراحل الأحدب المتناقص، ثم التربيع الثاني، ثم الهلال المتناقص إلى المحاق ليختتم شهرا قمريا، ويؤذن بميلاد شهر جديد مع هلال وليد جديد. والقمر يدور حول نفسه، وحول الأرض بنفس السرعة المتوسطة المقدرة بنحو كيلومتر واحد في الثانية، فيواجه الأرض دائما بوجه واحد، وبذلك يصبح يوم القمر شهرا قمريا كاملا نصفه ليل، ونصفه نهار، وتفصل بين هذين النصفين دائرة قريبة من الدائرة العظمى تعرف باسم دائرة النور، كما تفصل بين ما يرى وما لا يرى من سطح القمر دائرة أخرى تعرف باسم دائرة الرؤية; وهاتان الدائرتان تنطبقان في مرحلتي البدر الكامل (الاستقبال)، والمحاق (الاقتران أو الاجتماع)، وتتقاطعان بزوايا مختلفة في المراحل المتوسطة بين هذين الحدين; وتنشأ عن تطابقهما وتقاطعهما الأشكال المختلفة لوجه القمر المواجه للأرض: من المحاق إلى البدر الكامل، ومنه إلى المحاق الذي يليه. فعند تطابق دائرتي النور والرؤية في وضع الاقتران يكون القمر في المحاق، وفي وضع الاستقبال يكون القمر في البدر الكامل، وعند تقاطع هاتين الدائرتين فإننا نرى جزءا من نصف القمر المنير، وجزءا من نصفه المظلم، ويبقي القمر في مرحلة الهلال المتنامي الذي يزداد حجمه بالتدريج حتي يصل إلى مرحلة التربيع الأول في اليوم السابع من الشهر القمري، ثم إلى مرحلة الأحدب المتنامي بعد مضي أحد عشر يوما من بدء الشهر القمري، ويصل إلى البدر الكامل بعد مضي أربعة عشر يوما أو نحوها من بداية الشهر القمري، ويصل إلى مرحلة الأحدب المتناقص بعد انقضاء أربعة أيام تقريبا على مرحلة البدر، وبعد مضي 22 يوما تقريبا من الشهر القمري يصل إلى مرحلة التربيع الثاني، وفي الأيام الثلاثة التي تلي التربيع الثاني يصل القمر إلى مرحلة الهلال المتناقص، وفي آخر يوم من الشهر القمري يكون القمر قد أصبح بين الأرض والشمس على استقامة واحدة فيدخل في مرحلة الإظلام الكامل أو المحاق، والمراحل الرئيسية في هذه الدورة (التربيع الأول، البدر الكامل، التربيع الثاني، المحاق) التي يستمر كل منها قرابة الأيام السبعة كانت أساس تقسيم الشهر القمري إلى أربعة أسابيع. وفي دورة القمر حول الأرض فإنه يمر عبر برج من بروج السماء الإثني عشر في كل شهر حتي يعود إلى البرج الذي بدأ به مع فروق تقدر بنحو 11 يوما، وبذلك تتحدد سنة كاملة. كذلك يمر القمر في كل ليلة بمكان معين من البرج الشهري، وينسب هذا المكان إلى عدد من النجوم التي تبدو ظاهريا أنها قريبة من القمر، وتعرف هذه المواقع باسم منازل القمر أي أماكن وجود القمر في كل ليلة من ليالى الشهر القمري بالنسبة إلى نجم معين أو مجموعة نجمية محددة; وعدد هذه المنازل ثمانية وعشرون منزلا بعدد الليالى التي يرى فيها القمر، ومتوسط كل منها 13 يوما بالنسبة إلى السنة الشمسية. ما هي السنة القمرية؟ تعرف السنة القمرية بالفترة الزمنية التي يتم فيها القمر إثنتي عشرة دورة كاملة حول الأرض; وتستغرق هذه الفترة (354.37 يوم) لأن متوسط عدد الأيام في كل شهر قمري هو نحو (29.53 يوم)، ولما كانت كسور الأيام لا تدخل في حساب الشهور، ولا في حساب السنين اعتبرت السنة القمرية مساوية للرقم الصحيح (354 يوما)، وتعرف بالسنة القمرية البسيطة، وتتجمع الكسور لتتم يوما كاملا مرة كل ثلاث سنوات تقريبا تصبح مدة السنة القمرية فيها (355 يوما)، وتعرف باسم السنة القمرية الكبيسة، وتظهر 11 مرة في كل 30 سنة تقريبا. والتعبير اللغوي سنة مستمد من (سنا)، (سنيو)، بمعني دار يدور حتي يعود إلى مكانه الأول، وكذلك تعبير الحول مستمد من حال يحول، وهو بنفس المعنى، كما أن السنة هي أول السن. ما هي السنة الشمسية؟: السنة الشمسية تحددها دورة كاملة للأرض حول الشمس، وتقسم هذه السنة بواسطه بروج السماء الإثنى عشر إلى إثنى عشر شهرا، كما يمكن أن تقسم بواسطه إثنتي عشرة دورة كاملة للقمر حول الأرض بفرق يقدر بنحو الأحد عشر يوما، وهو الفرق بين السنتين الشمسية والقمرية، لأن السنة الشمسية يقدر زمنها بنحو 365.25 يوم، بينما يقدر زمن السنة القمرية بنحو354 يوما. ما هو الشهر الشمسي؟: يقوم حساب الشهور الشمسية أساسا على مراقبة بروج السماء الإثنى عشر الرئيسية، وهذه البروج هي تجمعات من النجوم تمر بها الأرض في دورتها السنوية حول الشمس، وتبدو هذه البروج من فوق سطح الأرض بأشكال محددة تميز برجا عن الآخر; ودائرة البروج هي مسار الشمس السنوي بين النجوم كما يظهر لنا من على سطح الأرض; وهي في حركتها الظاهرية لنا تبدو وكأنها تمر بإثني عشر برجا تسمي باسم منازل الشمس، وتبقى في كل واحد منها نحو الشهر، ثم تعود في نهاية السنة الشمسية إلى البرج الذي بدأت منه، وهكذا دواليك. وهذه البروج هي: الجدي، الدلو، الحوت، الحمل، الثور، الجوزاء، السرطان، الأسد، العذراء، الميزان، العقرب، والقوس; مبتدئين بالأول من شهر يناير، ومنتهين بشهر ديسمبر تقريبا، وإن سميت تلك البروج بأسماء مختلفة في الدول المختلفة. الشهور في القرآن الكريم هي الشهور القمرية الآية القرآنية الكريمة التي نحن بصددها تؤكد أن الشهر المقصود في القرآن الكريم هو الشهر القمري، وكذلك العديد من الآيات الأخرى في كتاب الله، والشهور القمرية عرفتها أغلب الحضارات القديمة كما استخدمها العرب قبل بعثة خاتم الأنبياء والمرسلين (صلى الله عليه وسلم)، وكان هذا من بقايا وحي السماء الذي توارثوه عن كل من نبي الله إبراهيم وولده إسماعيل (على نبينا وعليهما من الله السلام). ويؤكد هذا أن جميع التكاليف الشرعية قد ربطها الشارع الحكيم بالأهلة; وعلى ذلك فإن السنة المعتبرة في الإسلام هي السنة القمرية، وأن الشهور المعتبرة هي الشهور القمرية. كذلك كان من تراث النبوة أن العرب قبل بعثه خاتم الأنبياء والمرسلين (صلى الله عليه وسلم) كانوا يعظمون الأشهر الحرم، وهي ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب حتى في زمن شركهم وجاهليتهم. ومعروف شرعا أن المعصية في هذه الشهور تلقى عقابا من الله أشد، كما أن الطاعة تلقى أجرا أعظم وثوابا أكثر من بقية شهور السنة، وعلى المسلمين اليوم إدراك ذلك ومتابعته كي تتعزز مكانة هذه الأشهر الحرم في قلوبهم وعقولهم فتتحقق الحكمة من قول ربنا (تبارك وتعالي): {... فلا تظلموا فيهن أنفسكم....} ويأتي بعد ذلك أن القمر هو أقرب أجرام السماء إلينا، وحركاته هي أكثر حركات أي جرم من الأجرام الكونية وضوحا لنا، وضبط الأزمنة به أحكم من ضبطها بأي وسيلة كونية أخرى. وتبقى الحكمه الإلهية واضحة جلية بوجود هذا الفارق الزمني الطفيف بين السنتين الشمسية والقمرية حتي لا ترتبط العبادات الشرعية بظروف مناخية محددة على مدار الزمن، بل تتحرك مع فصول السنة ومناخاتها المتباينة، فتؤدى في كل من الحر والقمر، وفي طول أي من النهار والليل أو قصره، ومع ذلك فلا يوجد ما يمنع من اعتبار كل من الشهور القمرية والسنة القمرية جنبا إلى جنب مع السنة الشمسية التي تحددها دورة الأرض حول الشمس دورة كاملة في كل اثنتي عشرة دورة كاملة للقمر حول الأرض، مع حساب الفارق المقدر بأحد عشر يوما بينهما، بدلا من استخدام أسماء الشهور الميلادية، وأغلبها من الوثنيات القديمة. وبذلك تكون السنة الإسلامية شمسية / قمرية تحدد السنة فيها دورة كاملة للأرض حول الشمس، وتقسم هذه السنة إلى اثني عشر شهرا دورة القمر حول الأرض في اثنتي عشرة دورة كاملة مع حساب الفوارق. من أوجه الإعجاز العلمي في الآية الكريمة بتحديد الآية الكريمة التي نحن بصددها عدة الشهور عند الله بإثني عشر شهرا تحديد للسنة القمرية كما هو تحديد للسنة الشمسية فكلاهما مكون من هذا العدد من الشهور على الرغم من تأكيد القرآن الكريم على الشهور القمرية ومن ثم على السنة القمرية. وسنة أي كوكب هي الفترة الزمنية التي يستغرقها ليتم دورة كاملة حول النجم الذي يتبعه، وهو يجري في مدار محدد حول ذلك النجم، وبمتوسط سرعة محدد كذلك. ويحدد سنة الكوكب، كما يحدد متوسط سرعة جريانه عاملان ضابطان مهمان: هما طول مدار الكوكب حول النجم ويحدده متوسط نصف قطر هذا المدار، وكتلة الكوكب بالنسبة إلى كتلة النجم وكلاهما مرتبط بقوة الجاذبية بين كل من النجم والكوكب الذي يدور حوله. ومدار كل الأجرام المعروفة لنا مثل مدار كل من القمر حول الأرض، والأرض حول الشمس هو مدار إهليلجي ( بيضاوي) الشكل، على شكل القطع الناقص، ومن قوانين الحركة في مدار القطع الناقص خضوع السرعة المحيطية لقانون تكافؤ المساحات مع الزمن، وهذا القانون يحتم اختلاف مقدار السرعة على طول المحيط، فعندما يقترب القمر من الأرض، أو يقتربان معا من الشمس لابد من أن تزداد سرعة كل منهما المحيطية حتي تزداد بالتبعية قوة الطرد المركزي على كل منهما، وإلا انهار هذا النظام بالكامل بارتطام القمر بالأرض، أو باندفاعهما معا إلى سعير الشمس. وبالمقابل فعندما يبتعد القمرفي مداره عن الأرض، أو يبتعدان معا عن الشمس، فإن السرعة المحيطية لكل منهما لابد وأن تتناقص بنسب محددة حتي تقل قوة الطرد المركزي لكل منهما، وإلا انفلت القمر من عقال جاذبية الأرض، أو انفلتا معا من عقال جاذبية الشمس فيضيعان في فسحة الكون. والإشارة القرآنية الكريمة إلى ثبات عدة الشهور باثني عشر شهرا منذ خلق الله السماوات والأرض تأكيد ضمني على انضباط كتل، وأحجام، وأبعاد وسرعات الأرض، وجميع أجرام السماء منذ اللحظة الأولى للخلق، وإلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها، وإلا لانهار بناء الكون. وفي انضباط هذه المسافات ضبط لكميات الطاقة التي تصل من النجم إلى كل كوكب يدور في فلكه مثل الأرض، ولو زادت كمية الطاقة التي تصلنا من الشمس، ولو قليلا لاحرقتنا ولاحرقت كل ما حولنا، ولو قلت قليلا لجمدتنا، وجمدت كل شيء حولنا. ولذلك يشير القرآن الكريم إلى هذه الحقائق التي لم تدرك إلا في العقود المتأخرة من القرن العشرين. كما يشير في مقام آخر إلى أن أولى بوادر إنهاء النظام الكوني هو انفلات القمر من عقال جاذبية الأرض، ووقوعه في جحيم الشمس، فقال عز من قائل: ((وجمع الشمس والقمر))، وقد ثبت أن بوادر ذلك قد ظهرت في قدر من التباعد بين القمر والأرض. فسبحان الذي أنزل القرآن الكريم أنزله بعلمه على خاتم أنبيائه ورسله، ليكون للعالمين نذيرا، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين الذي تلقاه، والحمد لله رب العالمين.