كنتم بالحرم المكي وقت اختياركم لهذه الجائزة التي تشرفت بكم ... فما تعليقكم على هذا الاختيار وقد سبق الفوز بها أجلاء أمثال الدكتور السديسي والشيخ الشعراوي رحمه الله ؟ 1.أبلغت بخبر اختياري الشخصية الإسلامية الأولى لعام 1427هـ ، وبمنحى جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم وأنا جالس أمام الكعبة المشرفة ، فأدركت على الفور أن هذا من بركات المكان والزمان ، وبفضل محاولاتي خدمة فهم القرآن الكريم بتوظيف المعطيات الكلية للعلوم في زمن العلم والتقنية الذي نعيشه ، وفرحت بذلك كثيرا أولا للتقدير المعنوي للاختيار وللجائزة ولرعاية سمو الشيخ محمد بن راشد ( حفظه الله ) للعلم وأهله وهى سنة كانت قد نسيت وأحياها سموه بجميل رعايته فأسأل الله – تعالى – أن يجعل ذلك في ميزان حسناته يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم . إذا أردنا أن نقوم بسباحة عابرة في مشوار ورحلة فضيلتكم مع التفسير العلمي للقرآن الكريم ... فماذا تقولون ؟ 1.أكرمني ربى منذ نعومة أظفاري بإدراك فضل القرآن الكريم على غيره من الكتب ، وفضل الإسلام العظيم على غيره من المعتقدات لأني نشأت في بيت علم ودين ، كان الحكم الإسلامي مطروحا في كل قضية من القضايا ثم أكرمني ربى بجماعة من المعلمين الذين كانوا يحملون هم الإسلام والمسلمين فتعلمت منهم الكثير ، كان من أكثرهم أثرا في نفسي أستاذي وأستاذ الجيل المعاصر من علماء الأرض الأستاذ الدكتور إبراهيم محمد فرج أستاذ الجيولوجيا بجامعات القاهرة والملك سعود بالرياض والملك عبد العزيز بجدة . والذي كان يكثر من الاستشهاد بآيات القرآن الكريم وبأحاديث سيد المرسلين – صلى الله عليه وسلم – في محاضراته ومذكراته فتعلمنا منه هذا المنهج منذ سنة 1951م . ثم كان التحدي الذي واجهته من أصحاب الأفكار المستوردة الشرقية منها والغربية في مصر وفى غيرها من البلاد العربية والتحدي الأكبر من غلاة الدهريين واليهود والنصارى في كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية . كيف كان اختياركم لهذا التخصص الدقيق والهام ؟ وما ظروف هذا الاختيار؟ كان اختياري لهذا التخصص الدقيق والهام نابعا مما ذكرت في النقطة السابقة من أن المغتربين من أبناء العرب كانوا يشيعون كذبا بوجود تعارض بين الاكتشافات العلمية والدين ، انسياقا وراء الحضارة الغربية أو الشرقية والتي بدأت النهضة العلمية عند كل منهما بمفاصلة كاملة مع الكنيسة ، ومن ثم انطلقت المعارف العلمية كلها عندهم من منطلقات مادية بحتة لا ترى شيئا مما وراء المادة . وانتقل هذا المرض إلى البلاد العربية والمسلمة في شكل ازدواجية التعليم إلى تعليم ديني منفصلاً انفصالاً كلياً عن حقائق العلم ، وتعليم مدني منفصلاً انفصالاً كلياً عن حقائق الدين ، والذي أفعله منذ أكثر من خمسة وخمسين عاما إيجاد الجسر الصحيح بين حقائق الدين وحقائق العلم ليزداد المسلم يقينا بدينه ، ويعلم غير المسلم فضل القرآن الكريم على غيره من الكتب وفضل الإسلام العظيم على غيره من المعتقدات باللغة الوحيدة التي يفهمها أهل عصرنا وهى لغة العلم . لكل شخصية عامة محطات فاصلة وشخصيات مؤثرة .. فماذا عن تلك المحطات ؟ وهؤلاء الشخصيات في مسيرتكم العلمية مع القرآن الكريم والسنة المحمدية ؟ 1.من المحطات الهامة في حياتي مجيئي للعمل بجامعة الملك سعود بالرياض في سنة 1959م ، وكان الأساتذة مختارون اختيارا دقيقا وكان الاحتكاك بهم في تخصصاتهم المتعددة مدرسة فكرية رائعة تعلمت منها الكثير . ثم كانت المحطة الثانية في غربتي بالمملكة المتحدة حيث تعرضت لتحديات عديدة ودخلت في حوارات دينية وعلمية عديدة أعز الله – تعالى – بها الإسلام . وكانت محطتي الثالثة بالولايات المتحدة الأمريكية حين أمضيت سنة من سنوات التفرغ العلمي أستاذا زائرا بجامعة كاليفورنيا بمدينة " لوس أنچيلوس". وهناك دخلت في حوارات ثلاثية بين الإسلام والمسيحية واليهودية أذيع بعضها على القنوات التلفازية الأمريكية . وكان لها صدىً كبيراً عند من حضروها أو شاهدوها . وكنت طوال هذا العام ألقي خطبة الجمعة بالمركز الإسلامي وألقي محاضرة في يوم السبت ، وقد تخلل ذلك حوارات ممتعة عديدة . وكانت محطتي الرابعة في التقائي بالقوات الأمريكية التي وفدت على أرض المملكة العربية السعودية في سنة 1990م ، وكيف أسلم في شهور معدودة أكثر من عشرين ألف أمريكي من لواءات إلى جنود ، ومن بيض وسود ، ومن رجال ونساء . وكان كل من يسلم منهم يقول : ما ذنب أبى وأمي أن يموتا على الكفر لأنكم لم تقوموا بواجب التبليغ عن هذا الدين ؟ وكانت محطتي الخامسة حين فتحت جريدة الأهرام المصرية لي صفحة كاملة صدر منها حتى اليوم أكثر من 225 مقالا تحت عنوان " من أسرار القرآن الكريم " . هدى الله – تعالى – بها جيشا من المسلمين وغير المسلمين . وكانت محطتي السادسة استدعائي وأنا بإحرام الحج من مكة المكرمة لمنحي الجائزة التقديرية من رئيس جمهورية السودان الشقيق ونوط الاستحقاق الذهبي للعلوم والفنون والآداب عن سنة 1425ھ . وكانت محطتي السابعة إخباري وأنا أمام الكعبة المشرفة باختياري الشخصية الإسلامية الأولى لعام 1427ھ ومنحي جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم . في محطات اكتشافاتكم في الإعجاز العلمي للقرآن الكريم .. ما أبرز تلك الاكتشافات التي مثلت لفضيلتكم سعادة بالغة قربت بينكم وبين المولى سبحانه وتعالى وساعدت على إشهار إسلام البعض ؟ 1. مما هز قلبي من اكتشافات الإعجاز العلمي للقرآن الكريم عدد كبير من الآيات وفقني الله – تعالى – إلى إدراكها لأول مرة ، وكان من أبرزها ما جاء في سورة الحديد إثباتُ أنَّ كل حديد الأرض ، بل كل حديد مجموعتنا الشمسية قد أنزل إليها إنزالا ، وأن رقم سورة " الحديد " في المصحف الشريف يساوى الوزن الذرى للحديد ، ورقم الآية في السورة يساوى العدد الذرى للحديد ، وهو العنصر الوحيد من بين أكثر من مائة عنصر – يعرفها الإنسان – الذي سميت باسمه سورة من سور القرآن الكريم وقد أثبت العلم بأسه الشديد ومنافعه للناس . " إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ " ما أثر تلك الآية الكريمة في نفس وعقل فضيلتكم ...؟ 1.الكون وجسد الإنسان من النوافذ الحقيقية التي ينظر منها كل باحث عن الحقيقة فيرى جانبا من بديع صنع الله يشهد له – سبحانه وتعالى – بالألوهية والربوبية والوحدانية المطلقة فوق جميع خلقه . تتعرض الأمة الإسلامية لهجمة غربية شرسة ، بماذا تعلقون من منطلق تخصصكم العلمي ؟ وما الكلمة التي تودون قولها لأولئك الغربيون ؟ 1.يختلف معنا أعداؤنا في إنكارهم الوحي بالقرآن الكريم وإنكارهم نبوة خاتم الأنبياء والمرسلين – صلى الله عليه وسلم – وكلما أثبتنا لهم ذلك عن طريق العلم الذي لا يؤمنون بغيره كلما حيدنا هذه الكراهية الشديدة وكسبنا نفرا منه لنور الإسلام لأنه هو الحق الوحيد الموجود بين أيدي الناس اليوم ، ولأنه الأصل في الإنسان الخير , والشر طارئ عليه ، وأهل الغرب يبحثون عن الحق بشمعة في وضح النهار ولا يجدون من يأخذ بأيديهم إليه . ما أبرز التحديات التي تعتقدون أن عالمنا الإسلامي يواجهها ؟ وما السبيل لتخطى تلك التحديات ؟ 1.في اعتقادي أن أبرز التحديات التي يواجهها عالمنا الإسلامي هو التشتت وفرقة الكلمة في عالم التكتلات الذي نعيشه . وعلى عقلاء المسئولين السعي لإعادة توحيد الأمتين العربية والإسلامية ولو على مراحل متطاولة , والدرس الأوروبي ماثل للعيان ، وعوامل التوحد عندنا أكثر بكثير من التناقضات التي تفرقهم وقد اجتمعوا (27) دولة في كيان واحد .