(سورة القمر)
من أسرار القرآن
مقالات جريدة الأهرام المصرية
بقلم الأستاذ الدكتور: زغلول راغب النجار
سورة "القمر" سورة مكية، وآياتها خمس وخمسون (55) بعد البسملة، وقد سميت بهذا الاسم لورود الإشارة في مطلعها إلى معجزة انشقاق القمر التي أجراها ربنا -تبارك وتعالى- على يدي خاتم أنبيائه ورسله -صلى الله عليه وسلم- شهادة له بالنبوة وبالرسالة في وجه عناد كفار قريش ومشركيها الذين طالبوه بشق القمر إثباتًا لنبوته، فأكرمه الله -تعالى- بتحقيق ذلك، فآمن منهم من آمن، وكفر من كفر.
ويدور المحور الرئيس للسورة حول وصف جانب من أهوال البعث، وعرض صور من عقاب المكذبين من قوم نبي الله نوح، ومن قبيلتي عاد وثمود، ومن قوم نبي الله لوط، ومن آل فرعون، مؤكدة أن الله -تعالى- قد يسر القرآن الكريم للذكر، أي: للتدبر والاعتبار، كما يسره للحفظ والفهم، ولكن أكثر الناس لا يعتبرون بما جاء فيه من الأخبار والقصص، والأحداث والعبر والمواعظ، ومؤكدة كذلك أن الله -تعالى- قد خلق كل شيء بإحكام بالغ، وتقدير دقيق، وأن أمره -سبحانه وتعالى- لا يُرد، وهو فائق السرعة في النفاذ، وأن جميع أعمال الخلق مدونة عنده، وأنه سوف يحاسبهم عليها، وسوف يجازي المجرمين من الكفار والمشركين بالخلود في نار جهنم، كما يجازي المؤمنين المتقين بالخلود في جنات النعيم.
وتبدأ السورة الكريمة بقول ربنا -تبارك وتعالى-: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ* وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ * وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ * حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ) [القمر: 1: 5].
واقتربت الساعة، أي: دنت، ونحن نعيش في كون يقدر عمره بحوالي أربعة عشر مليارا من السنين، وعلى أرض يقدر عمر أقدم صخورها بحوالي خمسة مليارات من السنين، وأقدم أثر للحياة على سطحها بحوالي3.8 مليار من السنين، وأقدم أثر للإنسان على سطحها بحوالي مائة ألف سنة، وقد بعث خاتم الأنبياء والمرسلين -صلى الله عليه وسلم- منذ حوالي ألف وأربعمائة وخمسين سنة؛ ولذلك قال في خطبة خطب بها أصحابه ذات يوم وقد كادت الشمس تغرب فلم يبق فيها إلا سف يسير، فقال -صلوات الله وسلامه عليه-: "والذي نفسي بيده ما بقي من الدنيا فيما مضي منها إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه وما نرى من الشمس إلا يسيرا" (أخرجه البزار من رواية لأنس بن مالك رضي الله عنه).
كذلك أخرج الإمام أحمد عن مسهل بن سعد أنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "بعثت أنا والساعة هكذا، وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى".
وهذان الحديثان الشريفان وأمثالهما من أقوال هذا النبي الخاتم كثير، وما فيهما من حق هو صورة من صور الإعجاز العلمي العديدة في أقواله -صلى الله عليه وسلم- وأقواله كلها حق؛ لأنه موصوف في القرآن الكريم بقول ربنا -تبارك وتعالى- عنه: (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى) [النجم: 3: 5].
وجاء في كتب التفسير أن كفار مكة قالوا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن كنت صادقا فشق لنا القمر فرقتين، وكان ذلك من قبيل التعجيز والتحدي بما تصوروه أمرا مستحيلا، ووعدوه -صلوات الله وسلامه عليه- بالإيمان إن هو فعل ذلك، وكانت ليلة بدر، فسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ربه أن يحقق له ما طلبوا، فانشق القمر نصفين: نصف على جبل الصفا، ونصف على جبل قيقعان المقابل له، حتى رأوا جبل حراء بينهما، فقال الكفار: سحرنا محمد، ثم قالوا: إن كان سحرنا فإنه لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم. فقال أبو جهل: اصبروا حتى يأتينا أهل البوادي فإن أخبروا بانشقاقه فهو صحيح، وإلا فقد سحر محمد أعيننا، فجاء أهل البوادي فشهدوا على انشقاق القمر، فقال أبو جهل ونفر من المشركين: هذا سحر مستمر، أي دائم. وكذبوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يكذبوا واقعة انشقاق القمر، وإن أولوها بالسحر بدلا من التسليم بالحقيقة القائمة، على الرغم مما جاءهم من الأخبار عن مصائر المكذبين لرسل الله -تعالى- من الأمم السابقة عليهم، وعلى الرغم مما سمعوا من القرآن من الحكم البالغة مبلغ النهاية من كمال الهداية وروعة البيان، ولكن النذر -مهما بلغت- لا تحرك مشاعر الأشقياء من الكفار والمشركين الذين أصموا آذانهم عن الاستماع إلى الهداية الربانية.
وبعد ذلك تنتقل الآيات إلى أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالإعراض عن هؤلاء المجرمين-والأمر إليه هو أمر لجميع المؤمنين ببعثته الشريفة إلى يوم الدين- وبإنذارهم بأهواليوم البعث فتقول:(فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ * خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ * مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ)[القمر:6: 8].
و(خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ ...) أي: ذليلة منكسرة أبصارهم لا يستطيعون رفعها من شدة الهول والرهبة والهلع، وهم يخرجون من القبور: حفاة، عراة، غرلا، كالجراد حيث يخرج من شرانقه عاريا حائرا فزعا دون جهة محددة يقصدها، ويخرجون من القبور وأعناقهم ممدودة إلى الداعي وهو الملك إسرافيل في غير تباطؤ أو تلكؤ.
ثم تنتقل الآيات إلى ذكر بعض صور العذاب الدنيوي الذي أصاب عددا من مكذبي الأمم السابقة، الذين كذبوا رسل ربهم، وقاوموهم، وحاربوهم، وسخروا منهم فأنزل الله -تعالى- بهم عقابه -على تباين صور ذلك العقاب- ولعقاب الآخرة أشد وأنكى، وبعد كل صورة من صور عقاب هؤلاء الكفار والمشركين يأتي التقرير الإلهي بقول ربنا -تبارك وتعالى-:(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِر)[القمر: 17، 22، 32، 40].
أي: أن الله -تعالى- قد يسر القرآن الكريم للقراءة والحفظ، كما يسره للتدبر والفهم، وجعل الهداية الربانية فيه للخلق، والدروس والعبر المساقة فيه لهم سهلة التناول والتدبر والاستيعاب. وجاءت هذه الإشارة بعد استعراض عقاب كل من قوم نبي الله نوح، وقبيلتي عاد وثمود، وقوم نبي الله لوط. أما في استعراض عذاب الكافرين من آل فرعون فقال -تعالى-: (وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ * كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ) [القمر: 41، 42].
وبعد ذلك تتوجه الآيات بالخطاب إلى كفار العرب ومشركيهم مهددة ومتوعدة بعذابي الدنيا والآخرة، فتقول لهم: (أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَائِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ * أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ * سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ * بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ * إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ * يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ) [القمر: 43: 48].
وفي ذلك يقول الله -تعالى-: هل كفاركم ومشركوكم -يا معشر العرب- وقد بعث فيكم خاتم الأنبياء -صلى الله عليه وسلم- فكذبته غالبية منكم، وحاربت دعوته إلى الحق، فهل هؤلاء المكذبون منكم خير ممن كذب رسلي من قبل فأحللت عليهم نقمتي، وأنزلت بهم عذابي من أمثال الذين كفروا من أقوام أنبياء الله: نوح وهود وصالح ولوط، ومن آل فرعون؟ والسؤال هو من قبيل الاستفهام الإنكاري للتقريع والتوبيخ لكفار العرب! ومعناه النفي، أي: ليس كفاركم بأفضل ممن تقدمكم من كفار الأمم السابقة عليكم والذين رفضوا دعوة أنبياء الله، وسخروا منهم واستهزؤوا بهم، وقاوموهم وقاتلوهم في عناد وتكبر بالغين فأهلكهم الله -تعالى- بذنوبهم، وكفار قريش لم تكن لهم براءة من العذاب في الكتب السماوية، ولم ينفعهم جمعهم الكبير؛ ولذلك توعدهم الله -تعالى- بالهزائم التي تحققت بعد ذلك في الغزوات من بدر إلى فتح مكة، وليس ذلك تمام عقابهم، بل الآخرة موعد عذابهم الحقيقي وهو أخطر وأشد، وهؤلاء المجرمون من كفار قريش -وأمثالهم من الكفار والمشركين في كل عصر- سيعيشون حياتهم الدنيوية في تخبط وحيرة وارتباك، وسوف يصلون في الآخرة نيران الجحيم المسعرة التي يسحبون فيها على وجوههم إذلالا لهم، وزيادة في عقابهم، حيث يقول لهم خزنة جهنم: ذوقوا عذابها جزاء كفركم في الدنيا، وجزاء تكذيب أنبياء الله ورسله والصد عن دعوته.
وتختم سورة "القمر" بتأكيد دقة وإحكام الخلق الذي يعكس جانبا من صفات الخالق العظيم، وتأكيد هلاك الكفار والمشركين من الأمم السابقة، وجعل ذلك عبرة للمعتبرين، والتأكيد على أن أعمال الخلق مدونة عليهم، وعلى أنهم مجزيون بها؛ إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، والتأكيد كذلك على الخلود في جنات النعيم لعباد الله المؤمنين به وبملائكته وكتبه ورسله، والمتقين لحدوده، وذلك في مقام كريم، عند رب جليل عظيم، قادر على كل شيء، وفي ذلك تقول الآيات في ختام سورة "القمر":(إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ * وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ * وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ * وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ * وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ * إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) [القمر: 49: 55].
من ركائز العقيدة في سورة "القمر":
1 - الإيمان بدنو الآخرة وبحتميتها، وأول أحداثها آخر ساعة من عمر الدنيا التي يبدأ النظام الكوني عندها في التهدم وما سوف يصاحب ذلك من أهوال الساعة، ويلي ذلك انسحاق الكون في نقطة واحدة، ثم تحركها إلى دخان تخلق منه أرض غير أرضنا (التي سوف تحتوى بالكامل فيها) وسماوات غير السماوات المحيطة بنا، ثم يبعث الخلق، ويحشرون للحساب والجزاء، وأوله الخلود؛ إما في الجنة وإما في النار.
2 - التصديق بجميع المعجزات الحسية التي أيد الله -تعالى- بها أنبياءه، ومنها انشقاق القمر كرامة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد حدث ذلك في مرتين منفصلتين، كانت إحداهما وهو في مكة المكرمة، والثانية في منى كما تروي لنا كتب السيرة.
3 - التسليم بضرورة دعوة الناس جميعا إلى دين الله الحق، فإن أعرضوا وصدوا، واستكبروا ورفضوا، فإن المفاصلة بين أهل الإيمان من جهة، وأهل الكفر والشرك والضلال من جهة أخرى، تصبح واجبة.
4 - اليقين بأن البشر جميعا سوف يبعثون من قبورهم عراة، حفاة، غرلا، فزعين مرتبكين كالجراد المنتشر من شرانقه لا يدري له وجهة، ولا يعرف له طريقا، وهذا تعبير عن جانب من أهوال يوم البعث التي سوف يتعرض لها جميع المبعوثين إلا عباد الله الصالحين.
5 - التصديق بتفاصيل القصص القرآني عن الأمم السابقة، وعن طرائق عقاب الله -تعالى- للمكذبين منهم، والتصديق كذلك بأن عقاب الله ليس بعيدا عن الكفار والمشركين، ولا عن المتطاولين المكذبين في كل عصر إلى يوم الدين.
6 - التسليم بأن أنبياء الله ورسله قوبلوا بالمعارضة والتكذيب، وبالطعن والزجر، وبالاستهزاء والرفض، وبالمقاومة والقتل، وبمختلف صور الاتهام؛ من الجنون إلى السحر إلى الشعوذة والشعر والاختلاق والكذب، وإلى غير ذلك مما نزههم الله -تعالى- عنه من الصفات التي لا تليق بأمثالهم.
7 - الإيمان بأن الله -تعالى- قد يسر القرآن الكريم للقراءة والفهم، وللتدبر والحفظ، وللاتعاظ والاعتبار، وتلقي الهداية والدرس.
8 - التصديق بأن أمر الله -تعالى- نافذ لا محالة، لا يحتاج إلى تأكيد ولا إلى زمن: إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون؛ ولذلك قال -تعالى- في سورة "القمر": (وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) [القمر: 50].
9 - اليقين بأن أعمال الخلق -صغيرها وكبيرها- مدونة عند رب العالمين، وعليها يكون الحساب والجزاء.
10 - التسليم بأن مصير المتقين من عباد الله -تعالى- هو الخلود في جنات النعيم، والخلود فيها من أعظم مقامات التكريم، بينما الكفار والمشركون والعصاة المجرمون المتنطعون من الخلق المكلفين سوف يسحبون على وجوههم في النار، وهو من أشد صور العقاب والإذلال لهم، ويقول لهم خزنتها: ذوقوا مس سقر.
11 - الإيمان بأن الله -تعالى- هو(المليك المقتدر) الذي لا ينازعه أحد في ملكه، ولا يشاركه أحد في سلطانه، ولا يشبهه أحد من خلقه، ولا يتوقف شيء عن أمره.
من الإشارات التاريخية والعلمية في سورة "القمر":
1- الإشارة إلى قرب الآخرة باقتراب الساعة.
2- إثبات انشقاق القمر.
3- تدوين إدعاء الكفار والمشركين من قريش بأن انشقاق القمر كان سحرا مستمرا سحر أعينهم أو سحر القمر، وفي ذلك إثبات للواقعة التاريخية التى لم ينكروها ولكن أولوا تفسيرها حسب أهوائهم إنكارا لوقوع المعجزة.
4- تشبيه خروج الموتى من قبورهم عرايا ساعة البعث بخروج حشرات الجراد كاملة من شرانقها التي تنشر فيها يرقاتها فيما يشبه القبر استعدادا للمرور بمرحلة العذراء (الحورية) أو الخادرة، وفي هذه المرحلة يعاد خلق الحشرة بأكملها التي تخرج عارية تماما وكانت عملية البعث لبني آدم حيث تذاب اليرقة ذوبانا كاملا ثم يكون بعثها بعد أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع على هيئة الحشرة الكاملة التي تختلف اختلافا تاما عن اليرقة التي جاءت منها؛ وكذلك بعث الأموات من قبورهم في أواسط أعمارهم، كل من عجب ذنبه.
5- الإعجاز التاريخي في وصف عقاب خمسة من كفار ومشركي الأمم السابقة؛ هم قوم نوح، قبيلتا عاد وثمود، قوم لوط، وآل فرعون، وذلك بدقة بالغة، بدأت الكشوف الآثارية في إثباتها.
6- التأكيد على إغراق قوم نوح بماء عذب هو ماء كل من المطر وعيون الأرض، والتأكيد على حتمية اكتشاف سفينة نوح وقد تم ذلك منذ سنوات قليلة، وهو من الإعجاز التاريخي والعلمي، والإنبائي:"وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) [القمر: 15].
7- الإشارة إلى تيسير القرآن للذكر، وهو ما أثبتته الدراسات القرآنية واللغوية.
8- الإعجاز الإنبائي بالأخبار عن هزيمة كفار ومشركي العرب -على الرغم من كثرتهم- أمام جيوش المسلمين، وقد تحقق ذلك بعد نزول هذه الآيات بعدد من السنين.
9- التأكيد على خلق كل شيء بقدر، أي بتقدير محكم دقيق.
وكل قضية من هذه القضايا تحتاج إلى معالجة خاصة بها؛ ولذلك فسوف أقصر الحديث في المقال القادم إن شاء الله -تعالى-على جزء من النقطة الخامسة بعرض لعقاب قوم بني الله لوط -عليه السلام- وما جاء في قصتهم من إعجاز تاريخي وعلمي.