"إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ" [سورة الحِجر: 95] - ج1
من أسرار القرآن
مقالات جريدة الأهرام المصرية
بقلم الأستاذ الدكتور: زغلول راغب النجار
هذه الآية القرآنية الكريمة جاءت في خواتيم سورة "الحِجر"، وهي سورة مكية، وآياتها99 بعد البسملة، وقد سُمِّيت بهذا الاسم لورود الإشارة فيها إلى "أصحاب الحِجر"، وهم قوم نبي الله صالح –عليه السلام– وذلك في الآيات [80: 84] من هذه السورة المباركة.
وتبدأ سورة "الحِجر" بالحروف المُقطَّعة الثلاثة (الر) التي جاءت في مطلع خمسٍ من سور القرآن الكريم؛ هي: يونس، هود، يوسف، إبراهيم، الحِجر، كما جاءت مرةً سادسةً بإضافة الحرف (م) لتصبح (المر)، وذلك في مطلع سورة "الرعد"، وقد سبق لنا استعراض قضية الحروف المُقطَّعة بما يغني عن تكرار ذلك هنا.
وبعد هذا الاستهلال تمتدح سورة "الحِجر" القرآن الكريم، مهدِّدةً الكفار لانصرافهم عن الإسلام، ومتوعدةً إياهم بنزول عقاب الله تعالى بهم في الدنيا والآخرة؛ وذلك بقول ربنا -تبارك وتعالى-: (الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ * رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ * ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمْ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ * مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ) [الحِجر: 1: 5]، ثم تستنكر الآيات تطاول الكفار والمشركين على خاتم الأنبياء والمرسلين،وتنطُّعهم واستكبارهم على الحق الذي جاء به، وطلبهم ملائكةً تبلغهم عن الله -تعالى- الذي يجزم بأن الملائكة لا تنزل إلا بالحق، أي بالرسالة أو بالعذاب.
وتؤكِّد الآيات تعهُّد الخالق –سبحانه وتعالى- بحفظ القرآن الكريم تعهُّدًا مطلقًا، كما تؤكِّد بشرية جميع المرسلين، وتستنكر تطاول الكفار والمشركين على رسل الله، على الرغم من علمهم بما نزل بالكفار من قبلهم، وفي ذلك تقول الآيات:(وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ * لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِينَ * مَا نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالحَقِّ وَمَا كَانُواْ إِذًا مُّنظَرِينَ * إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ * وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الأَوَّلِينَ* وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ * كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ * لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ) [الحِجر: 6: 13].
ثم تنتقل سورة "الحِجر" إلى تأكيد أن الكفار والمشركين مهما رأوا من الآيات فلن يؤمنوا بها، مستعرضةً عددًا من آيات الله في الكون [الآيات:15: 27] للتدليل على حقيقة الألوهية، والربوبية، والوحدانية المطلقة للخالق العظيم فوق جميع خلقه، وعلى حتمية البعث والحشر والحساب والجزاء، ولكنَّ الكافرين لا يعتبرون.
وبعد ذلك تنتقل الآيات إلى عرض جانب من قصة خلق أبينا آدم –عليه السلام– وموقف الشيطان منه ومن ذريته؛ فمنهم من يتبعه من الضالين فيهوي بهم إلى نار جهنم، ومنهم من يستعصي على غوايته من عباد الله المتقيــن، فيدخلهم الله –تعالى- جنات النعيم [الآيات:28: 48].
وتأمر الآيات خاتم الأنبياء والمرسلين –صلى الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين– أن يبلِّغ العباد بأن الله –تعالى– هو الغفور الرحيم، وأن عذابه هو العذاب الأليم [الآيتان: 49، 50]، كما تأمره أن يبلِّغهم بقصص عددٍ من أنبياء الله السابقين لبعثته الشريفة؛ تأكيدًا لوحدة رسالة السماء، وللأخوة بين الأنبياء، ولصدق رسالته، ولصلته بوحي السماء؛ وذلك تثبيتًا للمؤمنين على إيمانهم، ودعوةً للعقلاء أن يؤمنوا بنبوته، ومن هؤلاء الأنبياء: إبراهيم، لوط، صالح، وشعيب على نبينا وعليهم من الله السلام.
ووضَّحت الآيات كيف عاقب الله –تعالى– المعاندين الكافرين من أمم هؤلاء الأنبياء والمرسلين [الآيات: 51: 84]، وتختتم سورة "الحِجر" بتوجيه الخطاب مرةً أخرى إلى رسول الله، مؤكِّدةً خلق السماوات والأرض بالحق، وحتمية الساعة، وأن الله –تعالى– هو خالق كل شيء، وفضل كلٍّ من الفاتحة والقرآن العظيم فتقول:(وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحْ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ * وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنْ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ * لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ * وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ * كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ * الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ * فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْعَنْ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ * الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ* وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحِجر: 85: 99].
والخطاب إلى رسول الله خطابٌ إلى جميع المسلمين المؤمنين بصدق بعثته الشريفة، وعلى ذلك فإن الأوامر إلى هذا الرسول الخاتم كما جاءت في ختام سورة "الحِجر" وفي غيرها من سور القرآن الكريم هي أوامر لجميع المسلمين، وفيها من التكريم لرسول الله –صلى الله عليه وسلم– ما هو حقٌّ لمقامه بصفته خاتم الأنبياء والمرسلين، والنذير المبين الذي ليس من بعده نبي ولا رسول، وفيها من التعظيم لفاتحة الكتاب الكريم وللقرآن كله ما يليق بكلام رب العالمين، وفيها اللوم على الذين يجتزئون القرآن الكريم فيؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعضه، أو يستشهدون بما يجتزئونه منه ويكفرون بمجموع رسالته القائمة على التوحيد الخالص لله –تعالى– وعلى تنزيهه –جل وعلا– عن جميع صفات خلقه، وعن كل وصف لا يليق بجلاله؛ ولذلك وصفتهم الآيات في ختام سورة "الحِجر" بوصف (...الْمُقْتَسِمِينَ * الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) أي المتحالفين على الباطل الذين آمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعض، وتهدِّدهم الآيات بقول الحق –تبارك وتعالى- لخاتم أنبيائه ورسله: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
وتشير الآيات إلى أن أهل الكفر والشرك والضلال سوف يظلون أبد الدهر يتطاولون على دين الله وكتابه ورسوله كما تطاولوا في القديم، ويتطاولون في أيامنا هذه، وهو من الإعجاز الإنبائي لكتاب الله؛ ولذلك فإن الآيات في خواتيم سورة "الحِجر" توجِّه الخطاب إلى رسول الله، مهدِّدةً الكفار والمشركين فتقول: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ * الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ).
وفي مواساة رقيقه من رب العالمين لخاتم أنبيائه ورسله تختتم سورة "الحِجر"، بقول الحق -تبارك وتعالى- له: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ).
والأمر من الله –تعالى– إلى خاتم أنبيائه ورسله هو أمرٌ لجميع المؤمنين برسالته، وكأن القرآن الكريم يتنزَّل اليوم للرد على مسيء الرسوم الكاريكاتيرية في الدنمارك وفي غيرها من دول الغرب المشرك، وللرد على غيرهم من شياطين الإنس من أمثال الشيطان الهولندي الذي أساء إلى القرآن الكريم بفيلمٍ حقيرٍ وضعه على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت)، وأمثاله ممن يغيظهم المدُّ الإسلامي في عالم اليوم، والمسلمون في حالٍ من الضعف لا أعتقد أنهم قد مرُّوا بمثله من قبل - مما يشهد لهذا الدين الخاتم بأنه دين الله الحق الذي علَّمه لأبينا آدم –عليه السلام– لحظة خلقه، وأنزله على سلسله طويلة من أنبيائه ورسله -صلى الله وسلم وبارك عليهم أجمعين–؛ ولذلك تعهد ربنا –تبارك وتعالى- بحفظه تعهُّدًا مطلقًا، حتى يبقى القرآن الكريم شاهدًا للرسول الخاتم الذي تلقَّاه بالنبوة والرسالة، ويبقى حجةَ الله على الخلق أجمعين إلى يوم الدين.
من ركائز العقيدة في سورة "الحِجر":
1) الإيمان بالله -تعالى– وبملائكته، وكتبه، ورسله، وبخاتم الأنبياء والمرسلين، وبالقرآن الكريم الذي أوحي إليه من رب العالمين، وبأنه كتاب مبين، وبأن الله –تعالى– هو الغفور الرحيم، وأن عذابه هو العذاب الأليم، وأنه –سبحانه وتعالى– هو الخلاق العليم؛ فلا يخلق غيره، ولا يخفى شيء عن علمه.
2) اليقين بأن الإسلام هو دين الله الذي علَّمه لأبينا آدم –عليه السلام– لحظة خلقه، وأنزله على سلسلة طويلة من الأنبياء والمرسلين، ثم أكمله وأتمَّه وحفظه في بعثة الرسول الخاتم؛ ولذلك تتوق النفوس إلى هذا الدين الإلهي بالفطرة، حتى نفوس أعدادٍ من الكفار والمشركين الذين باعوا أنفسهم للشياطين فصدُّوهم عنه.
3) التصديق بأن الكفار والمشركين يأكلون ويتمتعون كما تأكل الأنعام، ويلهيهم الأمل عن مصيرهم الأسود في الدنيا قبل الآخرة؛ حيث الفشل في حياتهم، ثم في الآخرة النار مثوى لهم.
4) التسليم بأن هلاك كل أمة من أمم الكفر والشرك والضلال له في علم الله كتاب محدَّد معلوم، لا تستبقه ولا تتأخر عنه، أي أن الله –تعالى– ما أهلك من أمة من الأمم العاصية إلا بعد قيام الحجة عليها، وانتهاء الأجل المحدَّد لها.
5) الإيمان بأن النبي العربي سيدنا محمد بن عبد اللههو خاتم الأنبياء والمرسلين، وأنه تلقَّى الوحي بالقرآن الكريم من لدن رب العالمين؛ ولذلك تعهَّد الله –تعالى– بحفظه فحُفِظَ على مدى أربعة عشر قرنًا ماضيًا، وسوف يظل محفوظًا بحفظ الله إلى ما شاء الله، وبما أن هذا النبي العربي هو خاتم النبيين فقد جعله الله –تعالى– قمة الكمال البشري؛ مما أثار حفيظة الكفار والمشركين فتطاولوا عليه في القديم والحديث، وعارضوا دعوته وهو النذير المبين، وطالبوه بإنزال الملائكة، وملائكة السماء لا تنزل إلى الأرض إلا بالحق، أي بالرسالة والرحمة، أو بالعذاب والهلكة.
6) التصديق بأن الكفار والمشركين في كل العصور هم الذين تطاولوا على أنبياء الله ورسله،واستهزؤوا بدعوتهم؛ انطلاقًا من ضلالاتهم، ومن استحواذ الشياطين عليهم حتى أعمت قلوبهم إلى حدِّ عدم الاعتبار بعقاب الكافرين ممن سبقوهم.
7) اليقين بأن غالبية الكفار والمشركين لن يؤمنوا بالله العلي العظيم ولو عرضت عليهم آيات السماء والأرض آيةً آيةً، على كثرتها ووضوح دلالاتها وحجتها.
8) التسليم بأن الله –تعالى– هو خالق كل شيء، وأن عنده علم كل شيء، وبأنه هو الذي يحيي ويميت، وأن كل شيء هالك إلا وجهه، وأنه –تعالى– هو وارث الأرض ومَن عليها، وباعث الأموات من أجداثهم، وحاشرهم إليه للحساب والجزاء في يوم الحساب.
9) الإيمان بأن الله –تعالى– خلق الإنسان من صلصال كالفخار، وخلق الجان من قبل من نار السموم، وبأن الله –سبحانه وتعالى– قد أسجد الملائكة لأبينا آدم –عليه السلام– وبأن الشيطان ملعون إلى يوم الدين، ومطرود من رحمة رب العالمين؛ ولذلك توعَّد بني آدم بالإضلال والغواية إلا عباد الله المخلصين منهم.
10) اليقين بأن الجنة حق، وأنها هي دار المتقين، وبأن النار حق، وبأنها هي قرار الكافرين.
11) التصديق بكل ما جاء به القرآن الكريم من أخبار الأولين.
12) التسليم بأن خلق السماوات والأرض وما بينهما قد تمَّ بالحق، أي حسب قوانين وسنن ثابتة لا تتخلَّف، ولا تتعطَّل ولا تتوقَّف إلا أن يشاء الله.
13) الإيمان بأن الساعة آتية لا ريب فيها.
14) التصديق بالقرآن الكريم كله دون اجتزاء؛ لأن إنكار آية واحدة منه يمثِّل إنكارًا لمعلومٍ من الدين بالضرورة، وهو كفر لا شكَّ فيه.
15) اليقين بأن الله –تعالى– قد تكفَّل بالدفاع عن خاتم أنبيائه ورسله؛ فلن يفلت من عقاب الله متطاولٌ على مقام هذا الرسول الخاتم الذي جعله الله –تعالى– إمامًا للمتقين، وسيدًا للخلق أجمعين، وتجسيدًا للكمال البشري في أعلى صوره.
من الإشارات الكونية والتاريخية في سورة "الحِجر":
1) تأكيد حفظ القرآن الكريم من كلٍّ من الضياع أو التحريف، وقد حُفظ كاملًا في نفس لغة وحيه (اللغة العربية) على مدى تجاوز أربعة عشر قرنًا، وسوف يبقى القرآن محفوظًا إلى ما شاء الله؛ لأن العهد الإلهي بحفظه عهدٌ مطلقٌ، أي غير مُقيَّد بزمن محدَّد [الآية رقم 9].
2) الإشارة إلى كلٍّ من رقة طبقة نهار الأرض، وظلمة السماء، وإلى بنائها المحكم، ووصف الحركة فيها بالعروج [الآية رقم 15].
3) وصف بروج السماء الدنيا بأنها زينة للناظرين، وتأكيد حفظها من كل شيطان رجيم [الآيتان 16، 17].
4) الإشارة إلى شيء من وظيفة الشهب [الآية 18].
5) إثبات كروية الأرض بالوصف (مددناها)، ووصف الجبال بأنها رواسٍ لها، ونعت جميع صور الإنبات فيها بالاتزان الدقيق [الآية رقم 19].
6) تأكيد تكفُّل الله –تعالى– برزق كل حي [الآية رقم 20].
7) إثبات أن خزائن كل شيء بيد الله –تعالى– وأنه لا ينزلها إلى الأرض إلا بقدر معلوم؛ وذلك من أجل حفظ التوازن فيها [الآية رقم 21].
8) الإشارة إلى أن الله –تعالى- جعل من الرياح ما يحمل إلى السحب نوى التكثيف لبخار الماء المحمول فيها، حتى ينزل على هيئة المطر الذي يسقيه الخلق أجمعين، ووصف تلك الرياح بأنها (لواقح)، وتأكيد أن الله –تعالى– هو الذي هيَّأ الظروف الأرضية لخَزْن جزءٍ من ماء السماء في تربة قشرة الأرضوصخورها، ولا يقدر على ذلك غيره [الآية رقم 22].
9) تأكيد أن الله –سبحانه و تعالى– هو خالق كل شيء، وهو الذي يحيي ويميت، والذي يرث الكون بكل من فيه وما فيه [الآية رقم 23].
10) وصف خلق الإنسان من صلصال من حمأ مسنون [26: 28].
11) إثبات عددٍ من قصص الأنبياء وأممهم من مثل قصة نبي الله إبراهيم [51: 60]، وقصة قوم لوط [61: 77]، وأصحاب الأيكة، وهم قوم نبي الله شعيب [78، 79]، وأصحاب الحِجر، وهم قوم نبي الله صالح [80: 84].
12) الإشارة إلى قلب الأرض رأسًا على عقب بقرى قوم لوط [الآية رقم 74]، وهذه الآية لا تزال باقيةً إلى اليوم وإلى أن يشاء الله.
13) تأكيد خلق السماوات والأرض وما بينهما بالحق، وما في ذلك من إشارةٍ إلى مركزية الأرض من السماوات، وإلى أن الغلاف الغازي للأرض ليس من الأرض بالكامل، ولا من دخان السماء بالكامل، ولكنه خليط من مادتَي الأرض والسماء، وتأكيد ضبط القوانين والسنن الحاكمة للكون إلى أن يشاء الله، وأن الساعة آتية لا محالة [الآية رقم 85].
14) الجزم بأن الله –تعالى– هو خالق كل شيء [الآية رقم 86].
15) الإشارة إلى عهد الله –تعالى- بكفاية خاتم أنبيائه ورسله ما تعرَّض له، ولا يزال يتعرَّض له، من تطاول المتطاولين، واستهزاء المستهزئين، وقد تحقَّق ذلك بالفعل، ولا يزال يتحقق اليوم وإلى يوم الدين، وكلٌّ من التاريخ والواقع المَعيش يثبت ذلك ويؤكِّده [الآية رقم 95].
وكل قضية من هذه القضايا تحتاج إلى معالجة خاصة بها؛ ولذلك فسوف أركِّز في المقال القادم -إن شاء الله- على النقطة الأخيرة من القائمة السابقة.