news-details
الإعجاز التشريعي

(إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ* فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ* لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ المُطَهَّرُونَ* تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ العَالَمِينَ*) - (الواقعة:77-80)

هذه الآيات القرآنية الكريمة جاءت في خواتيم سورة لواقعة‏،‏ وهي سورة مكية‏،‏ وآياتها ست وتسعون‏(96)‏ بعد البسملة‏،‏ وقد سميت بهذا الاسم لاستهلالها بذكر الساعة‏،‏ و‏(‏الواقعة‏)‏ من أسمائها لتحقق وقوع‏(‏ الساعة‏)،‏ كما وعد ربنا ـ تبارك وتعالي ـ‏.‏ ويدور المحور الرئيسي لسورة‏(‏ الواقعة‏)‏ حول أحداث كل من‏(‏ الساعة‏)،‏ و‏(‏القيامة‏)،‏ و‏(‏الآخرة‏)،‏ والرد علي منكري تلك الأحداث الثلاثة الكبري التي كثيرا ما تجمع تحت أحد هذه المسميات القرآنية بسبب سرعة تتابعها‏،‏ وإن كانت‏(‏ الساعة‏)‏ تمثل اللحظات الأخيرة في عمر هذا الوجود الدنيوي‏،‏ والتي يفني فيها كل مخلوق‏،‏ و‏(‏القيامة‏)‏ هي البعث من أرض جديدة غير أرضنا هذه‏،‏ وتحت سماوات غير السماوات المحيطة بنا‏.‏ و‏(‏الآخرة‏)‏ تأتي بعد كل من البعث والحشر والحساب والجزاء بالخلود إما في الجنة وإما في النار‏.‏ هذا‏،‏ وقد سبق لنا استعراض سورة الواقعة‏،‏ وما جاء فيها من ركائز العقيدة‏،‏ والإشارات الكونية‏،‏ ونركز هنا علي ومضة الإعجاز التشريعي والاعتقادي في وصف القرآن الكريم بأنه تنزيل من رب العالمين من الأدلة المنطقية علي أن القرآن الكريم هو كلام الله‏. من أوجه الإعجاز التشريعي في النص الكريم أولا‏:‏ أنه كتاب معجز في بيانه‏:‏ فكل حرف‏،‏ وكلمة‏،‏ وآية‏،‏ وسورة من سوره‏،‏ والقرآن كله معجز في بلاغته‏،‏ ونظمه‏،‏ وبيانه‏،‏ ودلالته‏،‏ لدرجة أنك لو نزعت كلمة واحدة من إحدي آياته وأدرت لسانك علي مجامع اللغة العربية لتجد بديلا لها ما وجدته‏.‏ هذا بالإضافة إلي ارتباط الآيات ببعضها‏،‏ وارتباط فواتح السور بخواتيمها‏،‏ وارتباط السور بعضها ببعض‏،‏ واختيار ألفاظ محددة في مواطن معينة دون مرادفاتها‏،‏ في دقة من التعبير‏،‏ وإحكام في الأداء‏،‏ وشمول وكمال لا تدانيهما أي صياغة بشرية مهما علت‏.‏ وقد تحدي القرآن الكريم العرب ـ وهم في قمة من قمم البلاغة والفصاحة وحسن البيان ـ أن يأتوا بقرآن مثله‏،‏ أو بعشر سور من مثله‏،‏ أو حتي بسورة واحدة من مثله‏،‏ ولو من قصار السور‏،‏ فعجزوا عن ذلك‏،‏ ولا يزال هذا التحدي قائما دون أن يتقدم عاقل ليقول إنه استطاع صياغة سورة من مثل سور القرآن الكريم‏،‏ أما المجانين فيمكنهم الادعاء بذلك وقد ادعوه‏!!‏ وأما بلغاء العرب فلم يحاولوا ذلك أبدا‏،‏ ولو من قبيل المحاولة‏،‏ لأنهم كانوا يعلمون جيدا عجزهم عن ذلك‏.‏ وهذا هو الوليد بن المغيرة أحد بلغاء العرب وفصحائهم‏،‏ قال في القرآن الكريم وما آمن به‏:‏ والله إن لقوله لحلاوة‏،‏ وإن عليه لطلاوة‏،‏ وإنه ليعلو وما يعلي عليه‏.‏ ثانيا‏:‏ أنه كتاب معجز فيما يدعو إليه من معتقدات‏:‏ ومن ذلك دعوته إلي الإيمان بالله‏،‏ وملائكته‏،‏ وكتبه‏،‏ ورسله‏،‏ واليوم الآخر‏،‏ وبالقدر خيره وشره‏،‏ وبالغيب المحجوب عن الإنسان‏،‏ وإلي توحيد الله ـ تعالي ـ توحيدا كاملا‏،‏ وتنزيهه فوق جميع صفات خلقه‏،‏ وعن كل وصف لا يليق بجلاله‏،‏ والانطلاق من هذا التوحيد الخالص لله ـ تعالي ـ إلي الدعوة للاعتقاد في وحدة رسالة السماء‏،‏ وفي الأخوة بين الأنبياء وبين الناس جميعا الذين ينتهي نسبهم إلي أب واحد وأم واحدة هما آدم وحواء ـ عليهما السلام ـ‏،‏ وما أحوج الناس إلي هذه العقيدة الصحيحة وسط بحور الكفر والشرك والضلال التي يغرقون فيها اليوم إلي الآذان‏.‏ ويري كل عاقل أن التوحيد أفضل من الشرك‏،‏ وأن تنزيه الله ـ تعالي ـ فوق جميع صفات خلقه أفضل من الانحطاط بمدلول الألوهية إلي الحجر‏،‏ أو الشجر‏،‏ أو البشر‏،‏ أو الشيطان‏،‏ أو النيران‏،‏ أو غير ذلك‏،‏ وأن الإيمان بجميع أنبياء الله ورسله أفضل من التحلق حول واحد منهم والمبالغة في تعظيمه إلي حد عبادته من دون الله‏،‏ أو المبالغة في عبادة الذات إلي حد التأله علي خلق الله‏،‏ والتجبر في الأرض‏.‏ ثالثا‏:‏ وهو كتاب معجز فيما يدعو إليه من عبادات‏:‏ لأن العبادات فيه هي أوامر إلهية خالصة‏،‏ وليست من صناعة البشر‏،‏ وهنا يتضح الفارق الكبير بين العبادات المفروضة من الخالق ـ سبحانه وتعالي ـ والعبادات الموضوعة بواسطة الإنسان‏،‏ ويمكن إدراك ذلك بمقارنة كل من النطق بالشهادتين‏،‏ وأداء كل من الصلاة‏،‏ والزكاة‏،‏ والصوم‏،‏ والحج عند المسلمين‏،‏ بالعبادات عند غيرهم من أصحاب المعتقدات الأخري‏.‏ رابعا‏:‏ وهو كتاب معجز في دستوره الأخلاقي‏:‏ الذي يتصف بالكمال والمواءمة مع ما تقبله الطبيعة البشرية من ضوابط تنظيمية لسلوك كل من الفرد‏،‏ والأسرة‏،‏ والمجتمع‏،‏ دون أدني قدر من الغلو‏،‏ أو الإقلال‏،‏ أو التفريط‏.‏ خامسا‏:‏ وهو كتاب معجز في جميع تشريعاته‏:‏ التي تتصف بالحكمة والرشد والعدل‏،‏ وذلك من مثل تحريم قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق‏،‏ وتشريع عقوبة القصاص‏،‏ وتحريم كل من الزنا والشذوذ الجنسي‏،‏ وتحريم كل من السرقة والحرابة‏،‏ ووضع العقوبات الرادعة للواقعين في تلك الحدود‏،‏ وتشريع عقوبة القذف‏،‏ وتحريم الربا بكل أشكاله وصوره المؤدية إلي الكسب الحرام‏،‏ أو إلي أكل أموال الناس بالباطل‏،‏ وتحريم كل من الخمور والمخدرات‏،‏ وأكل أي من الميتة أو الدم أو لحم الخنزير أو ما أهل لغير الله به‏،‏ وتحديد العلاقات والواجبات والحقوق لكل فرد في الأسرة والمجتمع والدولة والعالم‏(‏ فقه الأسرة والمجتمع‏،‏ فقه المعاملات والسلوك‏،‏ فقه الحاكم والمحكوم‏،‏ وغير ذلك من التشريعات الإلهية‏)‏ التي تتفوق فوق كل القوانين الوضعية‏.‏ سادسا‏:‏ وهو كتاب معجز في إشاراته العلمية إلي الكون ومكوناته وظواهره‏:‏ وقد جاء ذلك في أكثر من ألف ومائتي آية صريحة‏،‏ بالإضافة إلي آيات تقترب دلالتها من الصراحة‏،‏ في صياغة علمية تبلغ من الدقة والشمول والكمال ما لم يبلغه العلم الحديث‏،‏ علما بأن هذه الإشارات لم ترد في مقام الإخبار العلمي المباشر‏،‏ بل جاءت في مقام الاستدلال علي حقيقة الألوهية للخالق العظيم‏،‏ وحقيقة ربوبيته‏،‏ ووحدانيته المطلقة فوق جميع خلقه‏،‏ وفي مقام الاستشهاد علي قدرته المطلقة في الخلق والإفناء والبعث‏،‏ وعلي كل ما يشاء‏..‏ وتأتي الكشوف العلمية الحديثة متوافقة مع ما سبق نزوله في القرآن الكريم‏.‏ سابعا‏:‏ وهو كتاب معجز في جميع أنبائه الغيبية‏،‏ وإشاراته التاريخية‏:‏ فقد أشار إلي عدد من الوقائع التي تمت فيما قبل التاريخ‏،‏ ولم يدونها إلا القرآن الكريم‏،‏ كما أخبر بأحداث عديدة قبل وقوعها وتحققت بالفعل‏،‏ أو لم تقع بعد‏،‏ ونحن لا نزال ننتظر وقوعها‏،‏ واستعرض جوانب من تاريخ عدد من الأنبياء والمرسلين‏،‏ وعدد من صالحي البشر وطالحيهم‏،‏ وعدد من الأمم البائدة بدقة فائقة‏،‏ وقد بدأت الاكتشافات الأثرية في الشهادة علي سبق القرآن الكريم بالإشارة إليها‏.‏ ثامنا‏:‏ وهو كتاب معجز في ضوابطه التربوية‏:‏ التي تهتم ببناء الإنسان الصالح‏،‏ وليس فقط المواطن الناجح الذي تركز عليه أغلب المناهج التربوية الوضعية‏،‏ التي ثبت فشلها‏.‏ تاسعا‏:‏ أنه كتاب معجز في خطابه إلي النفس الإنسانية‏:‏ وهو خطاب يرقي بالإنسان إلي مراتب عليا في معراج الله‏،‏ لا يمكن أن يرقي به إليها خطاب سواه‏،‏ لأنه يحدد للإنسان علاقته بربه‏،‏ وبذاته‏،‏ وبأهله‏،‏ وبمجتمعه‏،‏ وبالإنسانية جمعاء تحديدا دقيقا‏،‏ يرتقي بالإنسان إلي مقامات التكريم التي رفعه إليها خالقه‏،‏ ويحقق له الأمن النفسي‏،‏ ويطهره من القلق‏،‏ والشعور بالخوف‏،‏ وسوء الظن‏،‏ والحسد‏،‏ والغيرة‏،‏ والتشاؤم‏،‏ والتوتر‏،‏ والشعور بالتعاسة والشقاء‏،‏ وغير ذلك من الأمراض النفسية التي تنتاب الإنسان في غيبة الإيمان بالله‏،‏ والبعد عن فهم حقيقة رسالة الإنسان في هذه الحياة‏:‏ أنه عبد لله‏،‏ مطالب بعبادة ربه بما أمر‏،‏ ومستخلف في الأرض مطالب بعمارتها وإقامة شرع الله وعدله في ربوعها‏،‏ ويرعاه في كل ذلك ويطمئن قلبه الشعور بمعية الله‏،‏ لأن الإنسان إذا فقد الإيمان بذلك شقي في هذه الحياة وأشقي‏،‏ وتعرض للعديد من الأمراض والعقد النفسية التي قد لا يكون لبعضها شفاء‏.‏ عاشرا‏:‏ أنه كتاب معجز في ضوابطه الاقتصادية والإدارية‏:‏ التي اعترف بسموها كثير من أساتذة هذين المجالين من غير المسلمين‏،‏ خاصة تحت وطأة الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تسود عالم اليوم‏،‏ والتي تكاد تأكل الأخضر واليابس من علي وجه الأرض‏.‏ ومن ضوابط القرآن الاقتصادية ما جاء به من تحريم الربا بمختلف أشكاله ووسائله‏،‏ ومن تشريع الزكاة‏،‏ واشتراط كتابة الدين‏،‏ والإشهاد عليه‏،‏ والأمر بأداء الأمانات إلي أهلها‏،‏ وغير ذلك من ضوابط التعاملات المالية‏.‏ ومن ضوابطه الإدارية الأمر بحسن التخطيط‏،‏ والاستعانة بأهل الرأي والخبرة‏،‏ والأمر بحسن توزيع الاختصاصات والمسئوليات‏،‏ وبالعدل بين المرءوسين‏،‏ واحترام الكبير‏،‏ والعطف علي الصغير‏،‏ وبالمحافظة علي الحقوق والواجبات‏،‏ والمساواة بين الناس‏،‏ وتحريم أن يحكم المسئول أهواءه الشخصية في الحكم علي مرءوسيه‏،‏ والأمر بالمحافظة علي المصالح العامة والخاصة‏،‏ وحسن القيام عليها بأمانة واقتدار‏.‏ حادي عشر‏:‏ أنه كتاب معجز في شموله‏:‏ وذلك لمعالجته العديد من القضايا التي تتراوح بين خلق السماوات والأرض إلي خلق كل من الحياة والإنسان‏،‏ كما تشمل سير عدد من الأنبياء والصالحين من لدن أبينا آدم ـ عليه السلام ـ إلي بعثة الرسول الخاتم ـ صلي الله وسلم وبارك عليه وعلي أنبياء الله ورسله أجمعين ـ‏،‏ وتشمل سير عدد من الأمم البائدة‏،‏ والأفراد الصالحين والطالحين‏،‏ بالإضافة إلي ركائز كل من العقيدة والعبادة والأخلاق والمعاملات‏،‏ كل ذلك دون خطأ واحد في اللغة أو الصياغة أو الدلالة أو المحتوي‏.‏ ثاني عشر‏:‏ أنه كتاب معجز في جرس ألفاظه وخواتيم آياته‏:‏ وذلك من مثل روعة الجرس الصوتي بين كلماته‏،‏ وخواتيم آياته‏،‏ مع سلامة الأسلوب‏،‏ وسهولة التراكيب‏،‏ والانسياب في النطق مما ييسر الحفظ‏،‏ وموافقة الألفاظ للمعاني المقصودة منها بدقة فائقة‏،‏ مما ساعد ملايين الأفراد من العرب والعجم علي حفظه كاملا‏.‏ ثالث عشر‏:‏ إعجاز رسم حروفه‏:‏ التي تتميز بالجمال والتناسق‏،‏ والطواعية للتشكيل‏،‏ والضوابط الحاكمة للخط العثماني الذي كتب به المصحف الشريف من مثل قواعد الوصل والفصل‏،‏ والبدل‏،‏ والهمزة‏،‏ والحذف والإضافة في رسم الحروف‏،‏ وذلك من أجل استيعاب جميع اللهجات العربية‏،‏ وهو أمر معجز حقا لتفرد المصحف الشريف به دون سائر الكتب‏.‏ رابع عشر‏:‏ هو كتاب معجز في دقة حفظه‏:‏ فلا تعرف البشرية وحيا سماويا حفظ في نفس لغة وحيه علي مدي أربعة عشر قرنا أو يزيد دون أن يضاف إليه حرف واحد‏،‏ أو أن ينتقص منه حرف واحد سوي القرآن الكريم الذي تفرد بهذا الإعجاز الحفظي بعهد مطلق من الله ـ سبحانه وتعالي ـ حتي يبقي القرآن الكريم حجته البالغة علي جميع خلقه إلي يوم الدين‏.‏ خامس عشر‏:‏ هو الكتاب الوحيد الذي تحدي به رب العالمين الإنس والجن‏،‏ فرادي ومجتمعين أن يأتوا بشيء من مثله‏:‏ دون أن يتمكنوا من مجابهة هذا التحدي رغم مرور أكثر من أربعة عشر قرنا علي نزوله‏.‏ من هنا كانت ومضة الإعجاز الإنبائي والتشريعي والاعتقادي في وصف القرآن الكريم بقول ربنا ـ تبارك وتعالي ـ فيه‏:‏ (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ* فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ* لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ المُطَهَّرُونَ* تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ العَالَمِينَ*) ‏(‏ الواقعة‏:77‏ ـ‏80).‏ وهذا الوصف الإلهي للقرآن الكريم بأنه‏(‏ فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ*‏)‏ أي في كتاب مستور‏،‏ مصون‏،‏ محفوظ بحفظ الله ـ تعالي ـ عن التبديل والتغيير‏،‏ وهو اللوح المحفوظ‏،‏ أو هو كذلك المصحف الذي بأيدينا‏،‏ وقد تعهد ربنا بحفظه‏.‏ ويدعم أنه اللوح المحفوظ قول ربنا ـ تبارك وتعالي ـ في الآية التالية‏:‏ لا يمسه إلا المطهرون والمطهرون هم الملائكة الأطهار‏،‏ وقد يشمل ذلك المتطهرين من البشر‏،‏ وذلك لأن القرآن الكريم هو كلام رب العالمين‏،‏ في صفائه الرباني‏،‏ وإشراقاته النورانية‏.‏ ومن هنا وجب تعظيمه واحترامه وإجلاله‏،‏ ومن صور ذلك ألا يمسه إلا طاهر‏.‏ وجمهور فقهاء المسلمين مجمعون علي عدم جواز مس المصحف الشريف إلا لطاهر من الحدثين الأصغر والأكبر‏،‏ وقد أجاز البعض رخصة في ذلك لضرورة التعليم والتعلم‏.‏ والذين يتشددون في هذا الأمر يقولون‏:‏ إذا كان الله ـ تعالي ـ يؤكد لنا أن الصحف المطهرة في السماء لا يمسها إلا المطهرون‏(‏ وهم الملائكة‏)،‏ فإن صحائف القرآن الكريم التي بأيدي المسلمين لا ينبغي أن يمسها إلا طاهر‏.‏ ولعل في ذلك ردا علي أحد شياطين أو مجانين العصر وهو المدعو تيري جونز‏(TerryJones)‏ من ولاية فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية‏(Gainesville،Florida،USA)‏ الذي وضع علي كتاب الوجه‏(FaceBook)‏ بشبكة المعلومات العنكبوتية نداء ينضح بالتعصب الأعمي‏،‏ وبالكراهية للحق‏،‏ وبالجهل الفاضح‏،‏ يدعو هذا النداء الكريه من أعماهم التعصب من أمثاله إلي حرق آلاف من نسخ القرآن الكريم في ذكري الحادي عشر من سبتمبر‏2010‏ م‏.‏ وعندما سئل‏:‏ هل قرأت القرآن؟ أجاب بالنفي‏،‏ وأكد أنه لا يعرف شيئا عن محتواه‏،‏ ولكنها الرغبة الجامحة في الشهرة الزائفة‏،‏ والكراهية الشديدة للحق وأهله‏،‏ ووجه كريه من أوجه الحضارة المادية المفلسة في زمن الفتن الذي نعيشه‏،‏ ولكن الحق دائما يعلو ولا يعلي عليه‏...‏ (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ*) ‏(‏ يوسف‏:21)،‏ وصدق الله العظيم‏،‏ وبلغ رسوله الكريم ـ صلي الله عليه وسلم ـ‏،‏ وجنبنا الله جنون المجانين‏،‏ وإيذاء طالبي الشهرة الرخيصة علي حساب الحق الأزلي‏..‏ اللهم آمين آمين‏..‏ وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‏.‏