"فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ المَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ" [المعارج:40]
من أسرار القرآن
مقالات جريدة الأهرام المصرية
بقلم الأستاذ الدكتور: زغلول راغب النجار
هذه الآية الكريمة جاءت في خواتيم سورة "المعارج"، وهي سورة مكية، وعدد آياتها أربع وأربعون بعد البسملة، وقد سميت بهذا الاسم لورود وصف من أوصاف الله -تعالى- فيها يصف به ربنا -تبارك اسمه- ذاته العلية بوصف "ذِي المَعَارِجِ" أي ذي العلو والرفعة؛ لأن المعارج هي المصاعد والمدارج التي يُرتقى بها إلى الأعلى، وهي جمع معْرَج - بفتح الميم وكسرها- والقرآن الكريم يسمي الحركة في السماء دومًا بالعروج، ومنها معراج رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن أسباب نزول هذه السورة المباركة يُروى عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قوله بأن أحد كفار قريش -وكان اسمه النضر بن الحارث- حين سمع تحذير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من عذاب الله -تعالى- قال مستكبرًا قولته الخبيثة التي سجلها عليه القرآن الكريم في سورة "الأنفال" بقول الحق -تبارك وتعالى-: "وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ" [الأنفال:32] فأنزل الله -تعالى- رده الحق في مطلع سورة "المعارج" التي استهلها بقوله العزيز : "سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ * مِنَ اللَّهِ ذِي المَعَارِجِ * تَعْرُجُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ" [المعارج:1: 4].
ويدور المحور الرئيس لسورة "المعارج" حول حقيقة الآخرة، وما يصاحبها من بعث وحساب وجزاء يعقبه الخلود في حياة أبدية قادمة، إما في الجنة أو في النار، كما يدور حول صعوبة استيعاب الكفار والمشركين لإمكانية البعث انطلاقًا من إنكارهم لوجود الله، أو من تشويه مفهوم الألوهية لديهم في عدد من المعتقدات الفاسدة والرائجة عندهم.
وتبدأ السورة الكريمة باستنكار هذا الموقف المستهتر الذي وقفه أحد كفار قريش مستهينًا بالآخرة وعذابها، فدعا بنزول العذاب على نفسه وعلى قومه، فنزل عذاب الله فورًا به وبهم، فقد هلك هذا الكافر في يوم بدر، ونزلت الهزيمة المنكرة بقومه يومها.
وتأكيدًا على طلاقة القدرة الإلهية تصف الآيات بعد ذلك حركة كلٍّ من الروح والملائكة في السماء بالعروج إلى الله ذي المعارج، وإن كانت طبيعة كلٍّ من الملائكة والروح من الأمور الغائبة عن علم الإنسان وإدراكه غيبة مطلقة، إلا أن الآيات تشير إلى أن مثل هذا العروج يتم في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة.
وبعد ذلك توصي الآيات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالصبر الجميل أمام إنكار الكافرين -في زمانه- لبعثته الشريفة، ولما جاء به من الحق، والوصية مستمرة إلى زماننا وحتى قيام الساعة، توصي أتباع هذا النبي والرسول الخاتم بالصبر الجميل أمام كفر الكافرين، وشرك المشركين، وإصرارهم على إنكار بعثة خاتم المرسلين -صلى الله عليه وسلم- وإنكار ما بُعث به من دين خاتم.
وتؤكد الآيات في سورة "المعارج" أن الكافرين يرون يوم القيامة بعيدا، ويراه ربنا قريبًا؛ لأن يومًا عنده بخمسين ألف سنة مما نعد نحن أهل الأرض، والزمن من خلق الله، والمخلوق لايحد الخالق أبدًا.
وبعد ذلك تبدأ الآيات في استعراض جانب من أهوال يوم القيامة التي يصفها ربنا -تبارك وتعالى- بقوله:"يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْل * وَتَكُونُ الجِبَالُ كَالْعِهْنِ * وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا" [المعارج:8: 10] أي يوم تنهار السماء فتكون كالرصاص المصهور، وتتطاير الجبال فتكون كالصوف المندوف المنفوش، أو المصبوغ بالألوان، إشارة إلى احتفاظ مكونات الجبال بألوان صخورها رغم نسفها وتدميرها، وساعتها لا يملك الإنسان السؤال عن أقرب الناس إليه، وأحبهم إلى قلبه، وذلك من هول الفزع، على الرغم من رؤية بعضهم بعضا، وتعرِّف بعضهم على بعض؛ وذلك لانشغال كل واحد منهم بنفسه، وتمنيه لو يستطيع أن يفديها من عذاب يومئذ ببنيه، وصاحبته وأخيه، وعشيرته التي ينتمي إليها، وبجميع من في الأرض من الخلق، ولكن هيهات أن يكون له ذلك.
وهنا يأتي رد الحق -تبارك وتعالى- بقوله -عز من قائل-:"كَلَّا إِنَّهَا لَظَى * نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى * تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى * وَجَمَعَ فَأَوْعَى" [المعارج:15: 18].
و(كلا) في العربية أداة زجر وردع، ولذلك تأتي الآيات من بعدها بشيء من أوصاف جهنم -أعاذنا الله منها- ومن ذلك أن نيرانها تشتعل بلهب خالص -وهو اللظى- وأنها تنزع بشدة حرها جوارح المعذبين فيها، ثم تعاد تلك الجوارح إلى مواضعها ليتكرر العذاب، وذلك من قبيل الزيادة في التنكيل بكل كافر ومشرك وظالم، أعرض عن الحق، وأدار ظهره له، وأفسد في الأرض، وتجبر على الخلق، ونسي الآخرة وما فيها من حساب، وركز على جمع المال وكنزه، وإمساكه في أوعيته، ولم يؤدِّ حق الله فيه. و(الشوى) جمع (شواة)، وهي من جوارح الإنسان.
ثم تعرض سورة "المعارج" لشيء من طبائع النفس البشرية التي تجزع عند الشدة، وتبخل وتبطر عند النعمة، فتميل إلى منع حقوق الفقراء والمساكين، ومن هذا الحكم العام تستثني سورة المعارج المصلين: "الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ * وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ" [المعارج:23: 27].
فكل عاقل حصيف يسعى جاهدًا في هذه الحياة، وهو حريص كل الحرص على اجتناب كل عمل يستوجب غضب الله وعذابه، وكل إنسان عفيف يستعف نفسه عن محارم الله؛ لأن الخوض فيها اعتداء على أوامر الله، وتجاوز لحدوده. وعقبت السورة الكريمة بشيء من صفات المؤمنين، ومنها مراعاة الأمانات وحفظ العهود، والقيام بشهادة الحق مهما كلفهم ذلك من ثمن، والمحافظة على الصلاة مهما كانت الظروف والملابسات، وتؤكد سورة "المعارج" أن هؤلاء هم الذين سوف يكرمهم الله -تعالى- بإدخالهم في جنات النعيم، خالدين فيها أبدًا، وفيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
ثم تنتقل السورة بسؤال استنكاري عن الكفار والمشركين الذين كانوا يتسارعون إلى التجمهر حول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن اليمين وعن الشمال، يستمعون إليه دون أن يؤمنوا به، ويدفعهم الغرور والتطاول إلى الادعاء الباطل بأنهم أولى بالجنة من أصحابه الذين آمنوا به، وأيدوه ونصروه، ويأتي الرد إلالهي عليهم بهذا الاستفهام التوبيخي الاستنكاري الذي يقول فيه ربنا -تبارك وتعالى-:"أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ" [المعارج:38].
ويزيدهم -سبحانه وتعالى- تقريعًا بقوله -عز من قائل-: كلا، أي ليس الأمر أبدًا كما يطمعون، فليس لهم إيمان أو عمل صالح يؤهلهم لدخول الجنة، وهو -تعالى- عليم بخلقهم؛ ولذلك يقسم بذاته العلية أنه قادر على إهلاكهم، وعلى استبدالهم بمن هم خير منهم، فيقول -سبحانه وتعالى-: "فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ المَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ * عَلَى أَن نُّبَدِّلَ خَيْرًا مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ" [المعارج:40،41].
وتختتم السورة الكريمة بأمر من الله -تعالى- إلى خاتم أنبيائه ورسله -صلى الله عليه وسلم- أن يدع هؤلاء الكافرين والمشركين يخوضون في باطلهم، يلهون ويلعبون حتى يلاقوا يومهم الذي وعدهم الله إياه وتوعدهم به فيقول -سبحانه-:"فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ * يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ اليَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ" [المعارج:42: 44].
الآيات الكونية التي استشهدت بها سورة "المعارج":
استشهدت سورة "المعارج" على صدق ما جاء بها من أمور الغيب المطلق بالعديد من الآيات الكونية الشاهدة لله -تعالى- بطلاقة القدرة على إبداع الخلق، وعلى إفنائه وإعادة خلقه من جديد، ومن هذه الآيات ما يلي:
(1) وصف الحركة في السماء بالعروج، وأن كلًّا من الملائكة والروح تعرج إلى الله -تعالى- الذي وصف ذاته بالوصف "ذِي المَعَارِجِ"، والعروج بمعنى ارتفاع وتحرك كل شيء في صفحة السماء في خطوط متعرجة هو حقيقة علمية لم تُدرَك إلا في أواخر القرن العشرين.
(2) التعبير القرآني المعجز الذي يقول فيه ربنا -تبارك وتعالى-: "تَعْرُجُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ" [المعارج:4] فيه إشارة إلى سرعات فائقة في الكون، وتأكيد على تواصل كلٍّ من المكان والزمان، وعلى تعاظم أبعاد الكون، وإلى نسبية كل شيء في العلم الكسبي للإنسان بحكم نسبية مكانه من الكون، وزمانه -أي عمره- ونسبية كل حواسه وقدرات عقله -أي محدوديتها- والنسبية لم تدركها معارف الإنسان إلا في مطلع القرن العشرين.
(3) وصف السماء بأنها سوف تكون يوم القيامة كالمهل.
(4) وصف الجبال بأنها سوف تكون يوم القيامة كالعهن.
(5) وصف طبيعة النفس البشرية عامة بالهلع والجزع عند وقوع الشر، وبالبطر والشح عند نزول النعمة إلا المصلين.
(6) القسم بالمشارق والمغارب، وفيه إشارة ضمنية رقيقة إلى كلٍّ من كروية الأرض، ودورانها حول محورها أمام الشمس، وإلى كروية كل أجرام السماء، ودورانها حول محاورها، وجريها في مداراتها، فلولا ذلك ما تعددت المشارق والمغارب أبدًا.
(7) الإشارة إلى خلق الإنسان من ماء مهين.
وكل قضية من هذه القضايا تحتاج إلى معالجة خاصة؛ ولذا فسوف أقصر حديثي هنا على النقطة السادسة في القائمة السابقة، والمتعلقة بتعدد المشارق والمغارب، ودلالاتها العلمية، وقبل مناقشة ذلك لابد من استعراض سريع لأقوال عدد من كبار المفسرين من القدامى والمعاصرين في شرح هذه الآية الكريمة.
من أقوال المفسرينفي تفسير قوله -تعالى-: "فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ المَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ * عَلَى أَن نُّبَدِّلَ خَيْرًا مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ" [المعارج:40،41]:
ذكر ابن كثير -يرحمه الله- ما نصه:... ثم قال -تعالى-: "فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ المَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ" أي الذي خلق السماوات والأرض، وسخر الكواكب تبدو من مشارقها وتغيب في مغاربها. "... إِنَّا لَقَادِرُونَ * عَلَى أَن نُّبَدِّلَ خَيْرًا مِّنْهُمْ..." أي يوم القيامة نعيدهم بأبدان خير من هذه، فإن قدرته صالحة لذلك. "... وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ" أي بعاجزين. واختار ابن جرير "عَلَى أَن نُّبَدِّلَ خَيْرًا مِّنْهُمْ..." أي أمة تطيعنا ولا تعصينا، والمعنى الأول أظهر لدلالة الآيات الأخر عليه، والله -سبحانه وتعالى- أعلم. (انتهى قول المفسر).
وجاء في تفسير الجلالين -رحم الله كاتبيه- ما نصه: "فَلَا..." لا زائدة (لتأكيد القسم)."... أُقْسِمُ بِرَبِّ المَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ..." للشمس والقمر وسائر الكواكب. "... إِنَّا لَقَادِرُونَ * عَلَى أَن نُّبَدِّلَ..." نأتي بدلهم. "... خَيْرًا مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ" بعاجزين عن ذلك. (انتهى قول المفسر).
وجاء في الظلال -رحم الله كاتبه- ما نصه: والأمر ليس في حاجة إلى قسم، ولكن التلويح بذكر المشارق والمغارب يوحي بعظمة الخالق، والمشارق والمغارب قد تعني مشارق النجوم الكثيرة ومغاربها في هذا الكون الفسيح، كما أنها تعني المشارق والمغارب المتوالية على بقاع الارض، وهي تتوالى في كل لحظة، ففي كل لحظة أثناء دوران الأرض حول نفسها أمام الشمس يطلع مشرق ويختفي مغرب، وأيًّا كان مدلول المشارق والمغارب فهو يوحي إلى القلب بضخامة هذا الوجود، وبعظمة الخالق لهذا الوجود، فهل يحتاج أمر أولئك المخلوقين مما يعلمون إلى قسم برب المشارق والمغارب على أنه -سبحانه- قادر على أن يخلق خيرًا منهم، وأنهم لا يسبقونه، ولا يفوتونه، ولا يهربون من مصيرهم المحتوم؟ (انتهى قول المفسر).
وجاء في صفوة البيان لمعاني القرآن -رحم الله كاتبه- ما نصه: أقسم، و"لَا" مزيدة. "المَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ": مشارق الشمس والقمر والكواكب ومغاربها."وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ" أي بمغلوبين، أو عاجزين عن أن نأتي بقوم آخرين خير منهم. (انتهى قول المفسر).
وذكر أصحاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم -جزاهم الله خيرًا- ما نصه: فلا أقسم برب المشارق والمغارب من الأيام والكواكب والهدايات، إنا لقادرون على أن نهلكهم ونأتي بمن هو أطوع منهم لله، ومانحن بعاجزين عن هذا التبديل. (انتهى قول المفسر).
وجاء في الهامش ما يلي: قد يكون المراد بالمشارق والمغارب أقطار ملك الله على سعته التي لا تُحَد كما أشير في الآية 137 من سورة "الأعراف": "وَأَوْرَثْنَا القَوْمَ الَّذِينَ كَانُوايُسْتَضْعَفُونَمَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَتِي بَارَكْنَا فِيهَا" للدلالة على أرجاء الأرض المشار إليها.
وقد يكون المراد أيضًا مشارق الشمس والقمر وكافة النجوم والكواكب ومغاربها جميعًا للدلالة أيضًا على ملك الله كله. وترجع ظاهرة شروق الأجرام السماوية وغروبها إلى دوران الأرض حول محورها من الغرب نحو الشرق، ومن ثم تبدو لنا تلك الأجرام متحركة في قبة السماء على عكس ذلك الاتجاه مشرقة على الأفق الشرقي وغاربة من الأفق الغربي، أو على الأقل دائرة من المشرق إلى المغرب حول النجم القطبي -في نصف الكرة الشمالي مثلًا- وإذا كان البعد القطبي للنجم أصغر من عرض مكان الراصد، فالنجم لا يشرق ولا يغرب، بل يرسم دائرة صغيرة وهمية حول القطب الشمالي، وبذلك تشير الآية كذلك إلى ساعات الليل. راجع قوله -تعالى-:"وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ" [النحل:16].
وظاهرة الشروق والغروب إشارة إذن إلى دوران كرة الأرض، وهي نعمة كبرى من نعم الله على أحياء هذا الكوكب، فلولا دوران الأرض حول محورها لتعرض نصفها لضوء الشمس مدة نصف سنة، وحُرِمَ من الضوء تمامًا النصف الآخر، وهذا ما لا تستقيم معه الحياة كما نعهدها. واذا اقتصرنا على ذكر المشارق والمغارب على تدبير الشمس وحدها دون سائر النجوم والكواكب، كانت هذه إشارة إلى التعدد اللانهائي لمشارق الأرض ومغاربها يومًا بعد يوم في كل موضع على سطح الأرض، أو حتى في لحظة من لحظات الزمان تمر على الكرة الأرضية، فالشمس في كل لحظة غاربة عند نقطة ومشرقة في نقطة أخرى تقابلها، وهذا من محكم تدبير الله وإعجاز قدرته. (انتهى قول المعلق).
وجاء في صفوة التفاسير -جزى الله كاتبه خيرًا- ما نصه: أي فأقسم برب مشارق الشمس والقمر والكواكب ومغاربها. (انتهى قول المفسر).
المشارق والمغارب في القرآن الكريم:
جاء ذكر المشرق والمغرب في القرآن الكريم بالإفراد والتثنية والجمع في أحد عشر موضعًا على النحو التالي:
أولًا: بالإفراد:
جاء ذكر المشرق والمغرب في ست آيات قرآنية كريمة هي كما يلي:
1 - "وَلِلَّهِ المَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ" [البقرة:115].
2 - "سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُل لِّلَّهِ المَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ" [البقرة:142].
3 -"لَيْسَ البِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ المَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ..." [البقرة:177].
4 - "... قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ المَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ المَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ" [البقرة:258].
5 - "قَالَ رَبُّ المَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ" [الشعراء:28].
6 -"رَّبُّ المَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا" [المزمل:9].
ثانيًا: بالتثنية:
وجاء ذكر المشرقين أو ذكر المشرقين والمغربين مرتين في كتاب الله على النحو التالي:
1 -"حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ المَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ القَرِينُ" [الزخرف:38].
2 -"رَبُّ المَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ المَغْرِبَيْنِ" [الرحمن:17].
ثالثًا: بالجمع:
وجاء ذكر المشارق وحدها مرة وذكر المشارق والمغارب مرتين في كتاب الله على النحو التالي:
1 - "رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ المَشَارِقِ" [الصافات:5].
2 - "وَأَوْرَثْنَا القَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَتِي بَارَكْنَا فِيهَا ..." [الأعراف:137].
3 -"فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ المَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ" [المعارج: 40].
وهنا ثار تساؤل المفسرين عن سبب ذكر المشرق والمغرب بالإفراد، والمشرقين والمغربين بالتثنية، والمشارق والمغارب بالجمع، وتعددت إجاباتهم، ومن هنا كانت ضرورة توظيف الحقائق العلمية التي توفرت في زماننا حتى يمكن فهم دلالة هذه الآيات الكريمة بشكل أعمق.
المدلول العلمي للآية الكريمة:
بما أن المخاطبين بالقرآن الكريم هم أهل الأرض جميعا، فمن المنطقي أن يكون المقصود بالتعبير القرآني رب المشارق والمغارب هو مشارق الأرض ومغاربها، ولكن بما أن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق الذي له ملك السماوات والأرض ومابينهما، فإن دلالة الآية الكريمة تتسع لتشمل مشارق ومغارب كل أجرام السماء، وعلى ذلك فلابد من فهم دلالة الآية الكريمة في هذين الإطارين على النحو التالي:
أولها: المشارق والمغارب بالنسبة إلى الأرض:
(1) مشرق الأرض ومغربها:
على الرغم من أن كل ما في صفحة السماء من أجرام يدور حول محوره، ويسبح جاريًا في مداره، فإن النجم القطبي يبدو ثابتًا في مكانه بالنسبة للأرض، ولا يشترك في الدوران الظاهري لقبة السماء وما بها من نجوم، والناتج عن دوران الأرض حول محورها من الغرب إلى الشرق دورة كاملة في كل أربع وعشرين ساعة -في زماننا الراهن- والسبب في ذلك هو أن النجم القطبي يقع على امتداد محور دوران الأرض حول نفسها تمامًا، وبذلك يحدد لنا اتجاه الشمال الحقيقي(والمعروف باسم الشمالي الجغرافي)، ويتعامد على هذا الاتجاه يمينًا شرق الأرضويسارًا غربها -أي اتجاه الشرق الحقيقي والغرب الحقيقيبالنسبة للأرض ككوكب- ويتضح من ذلك جانب من جوانب الحكمة الإلهية المبدعة بخلق هذه العلاقة حتى يبقى النجم القطبي بمثابة البوصلة الكونية المعلقة في السماء الدنيا لإرشاد أهل الأرض إلى الاتجاهات الأربعة الأصلية، وفي ذلك يقول ربنا -تبارك وتعالى-:
"وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ"[النحل:16].ويقول: "رَّبُّ المَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا"[المزمل:9].
(2)مشارق الأرض ومغاربها:
بدوران الأرض حول محورها دورة كاملة كل أربع وعشرين ساعة -في زماننا الراهن- يتحدد يوم الأرض الذي يتقاسمه الليل والنهار، وبدوران القمر دورة كاملة حول محوره، وحول الأرض في مدة تقدر بحوالي29,5 يومًا، يتحدد شهر الأرض القمري الذي يمكن تقسيمه إلى أيام وأسابيع بتتابع مراحل شكل القمر من الميلاد إلى المحاق. ويتم القمر اثنتي عشرة دورة كاملة حول الأرض في كل دورة كاملة للأرض حول الشمس تقريبًا، وبذلك يتحدد طول السنة القمرية بحوالي354 يوما، وتقسم إلى اثني عشر شهرًا قمريًّا محددًا.
وبسبح كلٍّ من الأرض وقمرها حول الشمس في مدار محدد ليتما دورة كاملة في مدة تقدر بحوالي (365,25) يومًا تتحدد السنة الشمسية للأرض، وهي تزيد على السنة القمرية بحوالي11 يومًا.
وبسبب ميل محور دوران الأرض على الخط الواصل بين مركزي الأرض والشمس تتبادل السنة الشمسية فصولا أربعة؛ هي: الربيع، والصيف، والخريف، والشتاء. وبواسطة تتابع بروج السماء التي تمر بها الأرض أثناء سبحها في مدارها حول الشمس يمكن تقسيم السنة الشمسية إلى شهورها الاثني عشر.
وكان قدماء المصريين قد قدروا السنة الشمسية بحوالي365 يومًا، وتلاهم البابليون في الربط بين محيط الدائرة الذي يبلغ360 درجة، وبين عدد أيام السنة الشمسية، وشكل هذا الربط أساس تقسيمات الساعة إلى60 دقيقة، والدقيقة إلى60 ثانية، وكانت ملاحظة تغير المواقع الظاهرية للشمس بالنهار بين شروقها وغروبها وسيلة من وسائل إدراك مرور الزمن وتتبع حركته.
وبفعل دوران الأرض حول محورها دورة كاملة كل أربع وعشرين ساعة، فإن مساحة نصف الكرة الأرضية المغمور بنور النهار تتناقص من أحد طرفيها بولوجه في ظلمة الليل، وتتزايد بنفس القدر من الطرف الآخر الذي يخرج من ظلمة الليل إلى نور النهار، ويستمر الحال كذلك في تبادل بطيء حتى يعم نور النهار نصف الأرض الذي كان مظلما، ويعم ظلام الليل نصفها الذي كان منيرًا، ومن هنا تتعدد المشارق والمغارب على خط العرض الواحد، ويتأخر شروق الشمس كلما اتجهنا إلى الغرب، ولما كانت الأرض تدور حول محورها دورة كاملة -أي 360 درجة كل24 ساعة- فإن ضوء الشمس ينتقل 15 درجة من درجات خطوط الطول في الساعة الواحدة من الشرق إلى الغرب -أي بمعدل4 دقائق لخط الطول الواحد- ومعنى ذلك أن الفرق الزمني الناشيء عن اختلاف خطوط الطول على خط العرض الواحد يقدر بأربع دقائق لكل درجة من درجات خطوط الطول، ويضاف هذا الفرق إذا كان الموقع في نصف الأرض الشرقي، ويطرح إذا كان في نصفها الغربي. ويعتبر خط الطول(180) هو الخط العالمي للتاريخ، وباجتيازه من الشرق إلى الغرب يتأخر الزمن يوما كاملا، ويتعرج الخط العالمي للتاريخ شرقًا وغربًا عبر خط طول(180)، وذلك بتأثير خطوط العرض، ويمر من مضيق بيرنج شمالًا إلى شرق جزيرة نيوزيلندا جنوبًا.ويتغير الزمن من موقع لآخر على طول خط الاستواء بسبب الانتقال من خط طول إلى خط طول آخر بعد أربع دقائق.
أما الاختلاف في الزمن -وبالتالي في لحظتي شروق الشمس وغروبها- عند الانتقال من خط الاستواء إلى خطوط العرض شمالًا وجنوبًا، فهو أكبر من الانتقال على خط العرض الواحد؛ وذلك لأن الانتقال عبر خطوط العرض له أبلغ الأثر على زمني شروق الشمسوغروبها، وهذا الأثر ليس ثابتًا على مر الأيام بسبب ميل محور دوران الأرض، كما أنه لا يتناسب تناسبًا طرديًّا مع فروق خطوط العرض، ويتضح ذلك من أن مقدار الفرق الزمني لكلٍّ من شروق الشمسوغروبهابين خطي العرض50 و60 درجة شمالًا أكبر بأضعاف كثيرة من مقدار الفرق الزمني بين خطي عرض10 و20 شمالًا، أضف إلى ذلك أن هذه الفروق غير ثابتة على مدار السنة، مما يعدد مشارق الأرض ومغاربها إلى أرقام لاتكاد تدرك.
والفروق بين أزمنة الشروق والغروب في نفس اليوم عند موقعين على خط طول واحد -ولكنهما على خطي عرض مختلفين- هي أقل من الفروق بين موقعين بينهما نفس القيمة في مقدار خطي العرض، بينما يقعان على خطي طول مختلفين.
كذلك إذا حسبنا زمني شروق الشمسوغروبهافي المكان الواحد من سطح الأرض على مدار السنة، فإننا نجدهما يتغيران تغيرًا كبيرًا خاصة عند خطوط العرض العليا،فالمكان الواحد على سطح الأرض له مشارق ومغارب عديدة على مدار السنة.
والحركة الظاهرية للشمس في مستوى دائرة البروج تؤثر في مقدار الميل الاستوائي لها، وتجعله يتغير من يوم إلى يوم آخر. والميل الاستوائي له تأثير كبير في تحديد مكان وزمان لحظتي الشروق والغروب للشمس، ويزداد ذلك بزيادة قيم خطوط العرض.
وقد تتحد نقاط على خطوط طول وعرض مختلفة في لحظتي الشروق والغروب، والخطوط الواصلة بينها تعرف باسم خطوط اتحاد المطالع، أو خطوط اتحاد المغارب، وهذه الخطوط يختلف شكلها من يوم إلى آخر، وهي في اليوم الواحد تكون موازية لبعضها البعض.
في 21/3 من كل عام يقع الاعتدال الربيعي، وفي 23/9 يقع الاعتدال الخريفي في نصف الكرة الشمالي، فيتساوى الليل والنهار لتعامد أشعة الشمس على خط الاستواء.
وفي 21/6 من كل عام يقع الانقلاب الصيفي في نصف الكرة الشمالي لتعامد أشعة الشمس على مدار السرطان، ويكون النهار أطول نهار في السنة، وتتمتع المنطقة الواقعة حول القطب الشمالي بنهار يدوم24 ساعة، ويحل ليل مدته24 ساعة على المناطق الواقعة حول القطب الجنوبي.
ويكون النهار أقصر ما يكون في نصف الكرة الجنوبي في 21/6، أما عند خط الاستواء فيتساوى طول كلٍّ من الليل والنهار على مدار السنة.
في 22/12 من كل عام يقع الانقلاب الشتوي في نصف الكرة الشمالي، حيث تتعامد أشعة الشمس على مدار الجدي، وتتمتع المنطقة حول القطب الجنوبي بنهار يدوم24 ساعة، بينما تتمتع المنطقة حول القطب الشمالي بليل يدوم24 ساعة كاملة.
من هذا الاستعراض يتضح تعدد المشارق والمغارب بتبادل الأيام والفصول على الموقع الواحد في كل سنة، وبتعدد المواقع على خط العرض الواحد مع تعدد خطوط الطول، وعلى خط الطول الواحد يتعدد خطوط العرض، وبتعدد كل ذلك تتعدد المشارق والمغارب تعددًا مذهلًا. فسبحان القائل:"... رَبِّ المَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ ..." [المعارج:40].
(3) مشرقا الأرض ومغرباها:
نتيجة لدوران الأرض حول محورها انبعجت قليلًا عند خط الاستواء، وتفلطحت قليلًا عند القطبين، ونتيجة لذلك أصبح لكلٍّ من المشارق والمغارب العديدة نهايتان تمثلان أقصى زمانين ومكانين لكلٍّ من شروق الشمس وغروبها على أقصى بقعتين من بقاع الأرض تمثل كلٌّ منهما مرة أقصى الشروق، ومرة أقصى الغروب، ومن هنا كان للأرض مشرقان ومغربان وسبحان القائل: "رَبُّ المَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ المَغْرِبَيْنِ" [الرحمن:17].
ثانيًا: المشارق والمغارب بالنسبة لباقي أجرام السماء:
من الواضح أن المؤثرات السابقة كلها على زمني ومكاني شروق وغروب الشمس تشترك في التأثير على زمني ومكاني شروق وغروب القمر، ويزيد عليهما بالنسبة للقمر عامل آخر هو مقدار خط عرض القمر السماوي، وهو يتغير في حدود 5 درجات تقريبًا إيجابًا وسلبًا، وعندما يكون خط العرض السماوي للقمر صفرًا، فإنه يتحد في غروبه مع الشمس، وبذلك يكون للقمر العديد من المشارق والمغارب، كما يكون له مشرق ومغرب، ونهايتان لكلٍّ من شروقه وغروبه، وكذلك الحال مع بقية أجرام السماء، والتي نتيجة لتكورها ولدورانها حول محاورها، ولسبحها حول أجرام أكبر، فإن مشارقها ومغاربها تتعدد تعددا كبيرا، مع وجود نهايتين عظميين لكلٍّ من الشروق والغروب، ووجود اتجاهات أصلية لكل جرم سماوي تحدد له شرقه وغربه.
من هنا جاءت الإشارة في كتاب الله إلى كلٍّ من المشرق والمغرب بالإفراد وبالمثنى وبالجمع؛ تأكيدًا على العديد من حقائق الأرض وحقائق أجرام السماء، وهي حقائق لم تدرك إلا في زمن العلم الذي نعيشه.
فسبحان الذي أنزل القرآن الكريم بعلمه على خاتم أنبيائه ورسله، وتعهد لنا بحفظه، فحفظه لنا بنفس لغة وحيه -اللغة العربية- وحفظه حفظًا كاملًا: كلمة كلمة، وحرفًا حرفًا بكل إشراقاته الربانية، وحقائقه النورانية في كل قضية عرض لها؛ حتى يبقى حجة على أهل عصرنا من المسلمين وغير المسلمين، وشاهدًا على طبيعته الربانية، وعلى صدق نبوة الرسول الخاتم والنبي الخاتم الذي تلقاه.
فالحمد لله على نعمة الإسلام، والحمد لله على نعمة القرآن، والحمد لله إلى آخر الزمان، والصلاة والسلام على أنبياء الله ورسله أجمعين، وعلى خاتمهم وإمامهم سيد الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد النبي الأمين، وعلى آله وصحبه، ومن تبع هداه، ودعا بدعوته إلى يوم الدين.