news-details
رجب الدمنهوري

توظيف المعارف العلمية محـاولة ضرورية لفهم الآيات الكونية

أهم وسيلة دعوية: لديكم اهتمامات واسعة بقضايا الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ، وبرزت جهودكم في مجال الدعوة إلى اللّه من خلال هذه القضية المهمة ... متى وكيف بدأت هذه الاهتمامات بالضبط؟ ولماذا أخذتم هذا المجال؟ لقد قيض اللّه لي جيلاً من الأساتذة والمربين الذين تتلمذت على يديهم ، وكان لهم مواقف مؤثرة في حياتي ومنهم د. ابراهيم عبدالقادر محمد فرج وهو من أبرز علماء الجيولوجيا ، ورغم أنه تجاوز التسعين عاماً ، إلا أنه مازال يحتفظ بذاكرة قوية ، هذا العالم الجليل ومن حوله أساتذة آخرون حببوني في الإعجاز العلمي للقرآن الكريم فكانوا يكثرون من الاستشهاد بآيات القرآن الكريم ، إذ كان لهم فضل كبير في تجنيبي الافتتان بمعطيات العلوم الحديثة كما فعل آخرون ، لاسيما أن كلية العلوم كانت معقلاً للتيارات اليسارية وكانت جميعها تناوئ الإسلام بل وتعتمد على مرجعيات تصطدم بحقائق الدين وثوابته . ولذلك لو اهتم علماء المسلمين بقضية الإعجاز العلمي وقدموها بالأدلة العلمية الصحيحة لأصبحت وسيلة من أهم الوسائل في مجال الدعوة إلى اللّه ، فنحن المسلمين نمتلك الوحي السماوي الوحيد المحفوظ بحفظ اللّه كلمة كلمة ، وحرفاً حرفاً قبل أربعة عشر قرناً من الزمان ؛ ومن ثم علينا تسخير العلم النافع بجميع إمكاناته ، والعالم المسلم هو أحق من يقوم بهذا الدور، فنحن نحيا في عصر العلم ، عصر وصل المرء فيه إلى قدر من المعرفة بالكون ، ومكوناته ، لم تتوافر في زمن من الأزمنة السابقة ، لأن العلم له طبيعة تراكمية ، واللّه سبحانه وتعالى أعطى الإنسان من وسائل الحس والعقل ما يعينه على النظر في الكون واستنتاج سنن اللّه سبحانه وتعالى . الطريقة المثلى: شاركتم في حوارات ومناظرات عديدة مع قساوسة ومفكرين من غير المسلمين... في ضوء ذلك كيف يمكن أن تخاطب هؤلاء بالإعجاز العلمي في القرآن الكريم؟ الإعجاز العلمي هو لغة العصر الآن ، ومن ثم فإن مخاطبة الآخرين بهذه اللغة لاسيما الغربيين هي الطريقة المثلى في الإقناع خاصة أنهم ينكرون الغيب ولا يؤمنون إلا بالمنظور ، ومن ثم يجب علينا أن نثبت لهم بأن القرآن معجزة ، فإذا كان الخطاب موجهاً إلى عالم فيجب أن أحدثه بالإعجاز العلمي ، وإذا كان موجهاً إلى رجل قانون فيجب أن أحدثه بالإعجاز التشريعي في القرآن ، وإذا كان صاحب دعوة أخلاقية أو إصلاحية فيجب أن تحدثه عن مكارم الأخلاق في القرآن ، فالقرآن حافل بأوجه الإعجاز المختلفة ، وليس هناك زاوية من الزوايا في كتاب اللّه ، ينظر فيها إنسان محايد ، إلا ويجد فيها جانباً من جوانب الإعجاز، فلابد من إبراز هذا للناس ، فقد سقط من أيدينا كل سلاح نستطيع أن ندافع به عن أنفسنا أو عن ديننا إلا سلاح الدعوة الى اللّه بالحكمة والموعظة الحسنة وتبيان أسرار هذا الكتاب المعجز الذي لا يأتيه الباطل ولا يعدو عليه أي تحريف أو تغيير . ثمار الدعوة وإسلام المفكرين: هل يمكن أن تذكروا جانباً من ثمار الدعوة بالإعجاز العلمي من واقع تجربتكم؟ في أوائل التسعينيات عقد مؤتمر للإعجاز العلمي في روسيا ، وخلال وقائع المؤتمر نوقشت قضية الإعجاز العلمي في القرآن وبعد انتهاء المؤتمر أعلن 37 عالماً من انحاء العالم اعتناقهم للإسلام ، وكان هناك عالم يدعى «كيت مور» ألف كتاباً في علم الأجنة ، وهذا الكتاب يدرس في أغلب كليات الطب بالعالم تحت عنوان «الإنسان النامي» وهو يتحدث عن مراحل تكوين الجنين ، وبعد المؤتمر أضاف «كيت مور» الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة التي تتحدث عن مراحل خلق الإنسان ، ووصف هذه المراحل التي ذكرتها الآيات والأحاديث بأنها بالغة الدقة والإعجاز . وأذكر أنه أثناء حرب الخليج الثانية لوحظ استعلاء الجنود الغربيين وتحديهم مشاعر الناس بشكل سافر ، وكنت وقتها أعمل بالمملكة العربية السعودية ، ففكرت في التصدي لهم ، ونصحت بدعوتهم للإسلام ، ونظمت بالتعاون مع البعض سلسلة من المحاضرات ، تناوب عليها عدد من الأساتذة ، وكانت ثمار هذه المحاضرات إسلام 20 ألف جندي ، وسجلنا أسماءهم وعناوينهم وأرسلناها إلى المراكز الإسلامية في دول الغرب ، وفي كل مرة أسافر إلى دول الغرب أتصل بالكثيرين منهم فأجدهم قد ازدادوا معرفة وارتباطاً بالإسلام